- بلادى توداى
- 10:32 ص
- أهم الأخبار
- 1 تعليق واحد
في زمن الإنترنت والفيس بوك والمحمول والليزر والفضائيات والنانو تكنولوجي و"الفيمتو ثانية" والقوى النووية والهيدروجينية، يصعب الحديث والجدال بعدها كثيرا عن صحة تابوهات وثوابت علمية قديمة مثل الجاذبية، وكروية الأرض ودورانها، وكبر حجم الشمس عن الكواكب، وحقائق كونية ثبتت فرضيتها منذ زمن بعيد، وصعب على أحد حتى من منكريها أن يخرج إلى العالم جهرة معلنا عدم صحتها، وإلا اتهمه الجميع بالخبل والجنون، ومحاولة الحصول على شهرة زائفة.
هذا الكلام ربما يكون صحيحا حتى دخولك الساحة الرئيسية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب ولمائتي متر تقريبا فقط، فبعد تلك المسافة السابقة ستجد على ناصية مكتبة "الدعوة للنشر والتوزيع" شابا صغيرا يوزع ورقة خضراء، تحتوي على بعض اقتباسات لكلام صحف وإعلاميين وباحثين، تلك المقتبسات تتحدث عن كتاب واحد يبدو للوهلة الأولى -التي تظهر في كلامهم- أنه كتاب صادم للدرجة التي تدفعك دفعا للدخول للمكتبة، ورؤية الكتاب، يزيد ولهك لرؤيته وتصفحه أن نفس الورقة الخضراء التي يوزعها الشاب الصغير تقول إن الطبعة التي توزع الآن بالمعرض لكتاب "قصة الخلق من العرش إلى الفرش" هي الطبعة التاسعة!.
زاد من طرافة الموضوع والصدمة أن المكتبة التي يوزع بها الكتاب هي دار "الدعوة للنشر والتوزيع"؛ وهي من دور النشر الكبيرة المعروف قربها من جماعة الإخوان المسلمين، وشهرتها بتوزيع ونشر كتب ووسائط الفكر الإسلامي الوسطي بشكل خاص.
لذا وبمجرد دخولي المكتبة وقبل رؤيتي للكتاب استنكرت مع أحد مسئوليها كيف تقوم دار بحجم "دار الدعوة " بترويج كتاب يحمل مثل تلك الأفكار العجيبة والغريبة الموجودة بورقة الدعاية الخضراء.. لم ينبس الرجل ببنت شفة، وبهدوء شديد أخذني من يدي ليشاور لي على صاحب الكتاب، والذي جلس كقديس تحوطه الجلالة في ركن بوسط القاعة.
موافقة الأزهر على الكتاب
مؤلف الكتاب الذي يحمل وجها هادئا بشوشا، ولحية كثة متناسقة مع وجهه وسمته، وبتواضع جم -ذكرني بالتواضع المعروف عن الراهبين البوذيين- أجلسني بجواره عندما عرف حقيقة عملي، رافضا في البداية التصوير والحديث، وبعد جدال طويل ومحاولات إقناع حول أهمية ظهوره في الإعلام لنشر أفكار كتابه العظيم! وافق بصعوبة على الحديث مع امتناعه عن التصوير، مبديا السبب أنه أخذ بنصيحة أحد المشايخ السعوديين الكرام في أن أفكاره ستصل للعالم بأجمعه فقط لو ابتعد عن الإعلام والإعلاميين.
سألته عن الكتاب، وعن إنكاره لحقائق ثبتت صحتها، ثم أخبرته بصراحة عن أنه لا يبغي من كتابه إلا الشهرة والظهور، وأنه ما الحاجة التي تدعوه للكتابة في هذه الأمور، ولماذا لم يتحدث عن قضايا أهم وأولى بدلا من تلك القضايا التي انتهى الحديث فيها منذ أربعمائة عام تقريبا، ثم سألته كيف أمكنه الحصول على تصريح من الأزهر لهذا الكتاب؟.
تحدث عيد ورداني -مؤلف الكتاب، والذي يعمل محاميا وخطيبا في الوقت نفسه- عن أن كل ما ذكره في الكتاب حقائق استدل عليها ببراهين علمية، وأدلة نقلية من الكتاب والسنة، وأنه بالفعل حصل ليس فقط على موافقة الأزهر ممثلا في مجمع البحوث الإسلامية، وإنما أيضا على موافقة وزارة الإعلام وإدارة الكتب السعودية، وبالتالي الموافقة على نشره وتوزيعه بالمملكة، وذلك في نفس العام الذي طبع ونشر فيه الكتاب بمصر للمرة الأولى عام 2000.
يشير ورداني إلى أنه قام برفع قضية "سب وقذف" على شيخ الأزهر، حينما أنكر الأخير إعطاء مجمع البحوث الإسلامية ورداني موافقة على نشر كتابه، وهو الأمر الذي يؤكده ورداني، بل ويضع صورة الموافقة نفسها في آخر الكتاب، تاركا تساؤلا وعلامة استفهام ضخمة.. هل يقرأ مشايخ المجمع الكتب التي تمر عليهم بالفعل، أم أن الكتاب تسرب من تحت أنظار مشايخ أعجبهم السب والقذف في علماء الغرب الملاحدة؟!.
ورداني يقول إنه بالفعل في خطبته بمدينته بالإسكندرية ملّ من الحديث عن المشاكل التي تعتري الأمة، وإنه رأى من الأنسب الكلام في الحلول، وأنه بدأ في كتابه بأصل تلك الحلول، وهي قصة الخلق وقصة، إيجاد الأرض والثوابت المتعلقة بها، وهي في رأيه من صميم الإيمان بالله والتي زعزع العلماء الغربيون ثوابته وأركانه بنظريات تبتعد تماما عن الحقيقة، معتبرا أسماء مثل جاليليو، ونيوتن، وأينشتين "طلائع جيش إبليس الذين نجحوا في تغيير القوانين الإلهية بقوانين طبيعية"، واعتبر كتبهم ونظرياتهم معاول لهدم الدين الذي أنزله الله لعباده، وجاءوا بدين جديد أسموه زوراً "العلم والعلمانية".
نيوتن.. عدو الله والدين
عندما سألته كيف تنكر وجود الجاذبية، وإذ لم تكن هناك جاذبية فكيف يرتبط البشر بالأرض، وكيف يمكن إنكار كل تلك النظريات والدلائل العلمية والعملية على وجودها؟ عندها ضحك بملء فيه قائلا: "نيوتن هذا كان من أعداء الكنيسة والدين؛ أحب بنظرية الجاذبية هذه أن يبعد الناس عن الله والإيمان الصادق، وسأخبرك كيف قام بإبعاد الناس عن الكنيسة التي كانت في هذا الوقت الممثل الحقيقي للدين، والمدافعة عنه ضد إلحاد هؤلاء المزيفين"
انتقلت الدهشة لي، وأنا أستمع لمنطقه الغريب حينما يقول إننا مرتبطون بالأرض بالضغط الجوي منذ القدم، وأن الله قال في كتابه العزيز "ولقد مكناكم في الأرض" ولم يذكر الله في آية كريمة دلالة أو إشارة على الجاذبية، وأن نيوتن وأتباعه ممن أطُلق عليهم "المستنيرون" انقلبوا على الكنيسة في عصر "النهضة"، وأحبوا أن ينقلوا القوة من السماء -حيث الرب والإله- إلى الأرض -حيث الإنسان الذي يقوم وحده ولا يقوم بأحد- ورأوا في أكذوبة "الجاذبية" هذه حلا معتبرين أن الإنسان مرتبط بالأرض من خلالها، وليس بالسماء، وبالتالي جعلوا الجاذبية بديلا عن الله، وقال بعدها أليكس هيلي إن الإنسان يقوم وحده ولا يحتاج لرب يقوم به.
نيفادا وليس القمر
بمنطق أغرب ينكر ورداني صعود الإنسان إلى القمر، مستدلا بقوله تعالى: "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان"، وقوله "ولقد مكناكم في الأرض"، ومعتبرا صعود الأمريكيين إلى القمر أحد ألعاب منظومة "حرب الكواكب" الشهيرة، التي استفز بها الأمريكان الاتحاد السوفييتي ليضع معظم إمكانياته المادية في الدراسات الفضائية وإنتاج الأسلحة، ولينهار الاتحاد السوفييتي، وتنتهي الحرب الباردة، وتميل الكفة لصالح الكتلة الرأسمالية والعالم الحر بقيادة أمريكا في حقبة الرئيس الداهية رونالد ريجان.
يؤكد ورداني أن أعجوبة نزول "نيل أرمسترونج" على سطح القمر أكذوبة كبرى، وأن الأمر برمته لم يتعد فيلما أمريكيا تم إخراجه وتصويره في صحراء "نيفادا" الأمريكية الشهيرة، وتسويقه للعالم على أنه صعود للقمر.
غفلة قارئ.. ونفعية ناشر
حقائق وعجائب يقولها الرجل ويسردها في كتابه ومؤلفه الذي يقبل عليه القراء بشكل غريب بالمكتبة، للدرجة التي عندما حاورت مسئول المبيعات بدار "الدعوة للنشر والتوزيع" بضع دقائق لاحظت أن الكتاب الأكثر مبيعا هو كتاب "قصة الخلق من العرش إلى الفرش".
أحمد الفلكي مسئول المبيعات بدار الدعوة يقول: "الكتاب ماشي الله ينور، وما دام أن الكتاب أخذ موافقة من الأزهر الشريف، فلماذا أحجر على بيعه بمكتبتي"، سألت أحدهم لماذا تشتري هذا الكتاب برغم إنكاره لحقائق معروفة، ردَّ عليَّ قائلا: "أهي حواديت خلينا نتفرج، مش هنخسر حاجة لو خدنا نظرة، نشوف الرجل بيقول إيه"!!
------------------------------------------------------------------------
إسلام أون لاين
------------------------------------------------------------------------
إسلام أون لاين
العنوان فيه افتراء والكاتب لم ينف أبدا كروية الأرض فيبدو أنك لم تقرأ الكتاب
ردحذف