- بلادى توداى
- 10:58 ص
- تحليلات هامة
- لا توجد تعليقات
أ / أحمد عبد الحميد
إن السلام هو الأصل في مفهوم الإسلام في علاقات المسلمين بغيرهم , وفي تشريعات الجهاد في الإسلام. مفهوم الإسلام في القرآن له معني سلوكي أو ظاهري في التعامل مع الناس ،ومعني باطني ،قلبي ،اعتقادي في الاعتقاد أو التعامل مع الله الإسلام في معناه القلبي الاعتقادي هو التسليم والانقياد لله تعالي وحده .
إن السلام هو الأصل في مفهوم الإسلام في علاقات المسلمين بغيرهم , وفي تشريعات الجهاد في الإسلام. مفهوم الإسلام في القرآن له معني سلوكي أو ظاهري في التعامل مع الناس ،ومعني باطني ،قلبي ،اعتقادي في الاعتقاد أو التعامل مع الله الإسلام في معناه القلبي الاعتقادي هو التسليم والانقياد لله تعالي وحده .
والإسلام بهذا المعني نزل في كل الرسالات السماوية علي جميع الأنبياء وبكل اللغات القديمة ،إلي إن نزل أخيرا باللغة العربية ،وصار ينطق بكلمة "الإسلام"التي تعني الاعتقاد والتسليم والانقياد والطاعة المطلقة لله تعالى وحده (الأنعام 161:163)وهذا هو معني الإسلام في الاعتقاد ،والذي سيحكم الله تعالي عليه يوم القيامة ،لأن الله تعالي لن يقبل يوم القيامة دينا آخر غير الخضوع أو الاستسلام له وحده ،وذلك معني قوله تعالي (إن الدين عند الله الإسلام ). (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين :آل عمران 19،54)فالإسلام هو الخضوع لله تعالي بكل اللغات وفي كل زمان ومكان وفي كل الرسالات السماوية , إلا انه عندنا وللأسف قد تحول إلى وصف باللغة العربية لقوم معينين في عصور معينة .. أما الإسلام في التعامل الظاهري فهو السلم والسلام بين البشر مهما اختلفت عقائدهم يقول تعالي (يا أيها الذين أمنوا ادخلوا في السلم كافة )البقرة 208.أي يأمرهم الله تعالي بإيثار السلم . ونتذكر هنا تحية الإسلام ألا وهي السلام وان السلام من أسماء الله تعالي، كل ذلك مما يعبر عن تأكيد الإسلام علي وجهه السلمي ويؤكد المعني السابق للإيمان بمعني الأمن والأمان والإنسان الذي يحقق الإيمان السلوكي في تعامله مع الناس فيكون مأمون الجانب لا يعتدي علي احد ويحقق الإيمان العقيدى في تعامله مع الله فلا يؤمن في قلبه إلا بالله تعالي وحده ، هذا الإنسان سيكون مستحقا للأمن عند الله يوم القيامة . و الإنسان الذي يحقق الإسلام السلوكي في تعامله مع الناس فيكون مسالما لا يعتدي علي احد ،ويحقق الإسلام العقيدى في تعامله مع الله تعالى فيسلم قلبه وجوارحه لله تعالي وحده ،هذا الإنسان يكون مستحقا للسلام عند الله تعالي يوم القيامة ،وفي ذلك يقول جل شأنه (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون :الأنعام 82)أي إن الذين آمنوا بالله في عقيدتهم وآمن الناس لهم واطمئنوا إليهم لأنهم لم يظلموا أحدا ،لهم الأمن في الآخرة لأن الجزاء من جنس العمل .. لذلك فان الله تعالي يعدهم بالسلام و الأمن في الجنة: يقول تعالي (ادخلوها بسلام آمنين :الحجر 46)ويقول عن الجنة (لهم دار السلام عند ربهم :الأنعام 127)أي إن السلام والأمان في التعامل مع البشر +الاستسلام لله والإيمان بالله وحده وطاعته وحده =السلام والأمان في الجنة .والاعتداء والظلم لله تعالي والناس = الجحيم فهذه هي علاقة السلام باسم الإسلام وحقيقته ،فما هي علاقته بتشريعات الإسلام وعلاقة المسلمين بغيرهم ؟..في عصر النبي نجد أن الرسول والصحابة كان هؤلاء الناس يعتدون عليهم ويضطهدونهم بسبب الدين وهؤلاء المؤمنون المسالمون الذين اجتمعوا حول النبي في مكة ثم في المدينة اثروا السلم وتحمل الاضطهاد ، ولم يحاول احدهم الدفاع عن نفسه ،وتحملوا التعذيب في مكة وهاجروا منها إلي الحبشة مرتين ثم هاجروا إلي المدينة ،وعاشوا في مطاردة وقتال من المشركين الذين يريدون إرغامهم علي العودة لدين الآباء .وكان ممكنا إن يستأصلهم المشركون بالاضطهاد والقتل لولا إن نزل تشريع القرآن يبيح لهم الدفاع آية الإذن في القتال حقها من التدبر لأن التدبر في معناها يعطي حقائق مسكوتا عنها ،فالآية تقول (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله علي نصرهم لقدير :الحج 39)فهي إذن صريح لكل من يتعرض للظلم والقتل بأن يدافع عن نفسه بغض النظر عن عقيدته ودينه، إذ يكفي أن يكون مظلوما ومعرضا لاحتمال الإبادة بالقتل حينئذ يأتيه نصر الله إذا قاتل دفاعا عن حقه في الحياة ،وقد غفل علماء التراث عن عمومية الآية في تشريعها الإلهي لكل مظلوم يفرض الآخرون عليه الحرب ، أي كان من حق الشعوب التي فتحها المسلمون عنوة أن يدافعوا عن أنفسهم و أن يردوا الاعتداء بمثله. إن الإيذاء الذي أوقعه المشركون بالمؤمنين وصل إلي درجة القتل، وحين يقاتل المشركون قوما مسالمين لا يردون علي أنفسهم القتل فان الإبادة لأولئك المستضعفين حتمية . أي أن القرآن يشير إلي حقيقة تاريخية أغفلتها عنجهية الرواة في العصر العباسي الامبراطورى وهي أن المشركين قاموا بغارات علي المدينة وحدث قتل وقتال للمسلمين ، وسكت المسلمون لأن الإذن بالقتال لم يكن نزل بعد , فلما نزل التشريع أصبح من حقهم الدفاع عن النفس . فالآية تقول (الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا...:الحج 4)الآية هنا تعطي حيثيات الإذن بالقتال لرد العدوان ،الأول أن أولئك المظلومين تعرضوا للقتل والقتال، والثاني أنهم تعرضوا للطرد من بيوتهم ووطنهم لمجرد أنهم يقولون ربنا الله ،وهذا ما أشار إليه علماء التراث لكنهم غفلوا بسبب التعصب الديني في عصر الإمبراطورية العباسية في القرون الوسطي – عن التدبر في الفقرة الثانية من الآية والتي تؤكد انه لولا حق المظلوم في الدفاع عن نفسه لتهدمت بيوت العبادة للنصارى واليهود والمسلمين وغيرهم حيث يذكر العابدون فيها اسم الله كثيرا . إن تشريع الإذن بالقتال ليس فقط لرد الاعتداء وإنما أيضا لتقرير حرية العبادة لكل إنسان في بيت عبادته ،مهما كانت العقيدة والعبادة ،فلكل إنسان فكرته عن الله وعقيدته في الله وهو يقيم بيوتا لعبادة الله و لابد أن تكون هذه البيوت واحة آمنة تتمتع هي ومن فيها بالأمن والسلام ،وكان منتظرا من المؤمنين المسلمين حول النبي أن يبتهجوا بتشريع الإذن بالقتال ورد الاعتداء والدفاع عن النفس ،ولكن حدث العكس إذ أنهم تعودوا الصبر السلبي وتحمل الأذى ،ولذلك كرهوا تشريع الجهاد برد الاعتداء وغفلوا انه ضروري لحمايتهم من خطر الإبادة لأنه إذا عرف العدو أنهم لن يسكتوا فسيتوقف عن الاعتداء عليهم ،وبذلك يتم حقن الدماء، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالي للمؤمنين (كتب عليكم القتال وهو كره لكم ،وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسي أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون :البقرة 21:67)لقد كرهوا القتال دفاعا عن النفس وهو خير لهم وأحبوا الاستكانة والخضوع لمن يحاربهم وهو شر لهم، والسبب أنهم تعودوا السلام والصبر إلي درجة أصبحت خطرا علي وجودهم ودينهم . كانوا في مكة مأمورين بكف اليد عن الدفاع عن النفس اكتفاء بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فلما فرض عليهم القتال الدفاعي احتج فريق منهم وطلب التأجيل , وهذا يدل علي عمق شعورهم بالمسالمة وكراهية الدماء . وكانت الغزوات في عهد النبي اكبر دليل علي انحياز المسلمين للسلام وكراهيتهم للحرب الدفاعية التي اضطروا إليها. ونستشهد من خلال القرآن علي موقف المسلمين من ثلاث غزوات:بدر والأحزاب وذات العسرة. كانت غزوة بدر هي الأولي والأشهر، ولكي نفهم أسبابها الحقيقية علينا أن نعرف معني الإيلاف في قريش التي أشارت إليه سورة قريش (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) . لقد تعودت قريش علي رحلتي الشتاء والصيف بين الشام واليمن ، لتنقل التجارة بين الهند والروم. تأتى بضائع الهند إلى اليمن فتنقلها قريش إلى الشام, ومن الشام تأتى ببضائع الروم إلى اليمن, ومن ثم إلى الهند. وكان الإيلاف يعني خارج مكة تأمين طريق القوافل القرشية بين مكة والشام وبين مكة واليمن ،وكان يعني داخل مكة إن يشترك القرشيون جميعا في تمويل قافلتي الشتاء والصيف وذلك بتقسيم رأس المال إلى أسهم وفي نهاية كل عام تحسب أرباح الأسهم ويأخذ كل إنسان حصته علي قدر إسهامه . وبإيذاء المسلمين وطردهم من مكة إلي المدينة استولي المشركون علي بيوتهم في مكة ورؤوس أموالهم في قافلتي الشتاء والصيف، ولم يكن المسلمون ليجرءوا علي استرداد أموالهم طالما كانوا يتحملون ضرب عدوهم ،فلما نزل تشريع الإذن بالقتال كان طبيعيا أن يحصلوا علي حقهم من الإيلاف بالإغارة علي القافلة التي تتاجر بأموالهم الضائعة ليحصلوا منها علي بعض ما ضاع من حقوقهم ،وجاءتهم البشارة إما بالنصر أو بالحصول علي القافلة. ومع عدالة القضية ووضوحها إلا انه عندما نجت القافلة وجاء علي إثرها جيش المشركين ليقاتل الفرقة المسلمة قليلة العدد فان بعض المسلمين حين عرفوا بأنه تحتم عليهم ملاقاة الجيش بدلا من القافلة انزعجوا وخافوا مع أن البشرى لهم بالنصر قائمة طالما فرت القافلة . ولا نجد أحسن من وصف القرآن لهذا الفريق الخائف من أهل بدر، يقول تعالي :(كما أخرجك ربك من بيتك بالحق ،وان فريقا من المؤمنون لكارهون، يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلي الموت وهم ينظرون :الانفال5،6)أي أنهم كانوا كارهين للحرب وأعلنوا عن موقفهم بالجدال في الحق الذي أصبح واضحا, وعندما تحتم عليهم القتال الفعلي كانوا كأنما يواجهون الموت وينظرون إليه . وفي غزوة الأحزاب حاصر المشركون المدينة فبلغ الخوف من المؤمنين غايته ،ويكفي أن نتدبر قوله تعالي يصف المؤمنين وقتها(...وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ،هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا :الأحزاب 10،11وادي الخوف ببعضهم إلي الهرب وتعويق المقاتلين ونشر الإشاعات (الأحزاب 18،19،60)وفي المقابل ظهر المعدن الأصيل لبعض المؤمنين فازدادوا إيمانا وتسليما :ا(الأحزاب 22،33) وفي غزوة ذات العسرة آخر الغزوات ظل المسلمون حتى ذلك العهد غير متحمسين للقتال ورد الاعتداء مما جعل آيات القرآن أكثر تأنيبا لهم (التوبة 13،16)ومنها قوله تعالي (يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلي الأرض ،التوبة 38 )أي كانوا يتثاقلون إذا جاءهم الأمر بالقتال ،أي أن التثاقل ظل معهم من البداية إلي نهاية عهد النبي، هذا بخلاف المنافقين , فنحن نتحدث عن الذين آمنوا لنعرف كيف أنهم آمنوا بمعني أحبوا الأمن و الأمان وكرهوا الحرب والقتال حتى لو كان الحرب والقتال دفاعا ضد عدوان لا ينتهي . ويكفي أن الله تعالي وصف حرب المشركين لهم بأنها حرب مستمرة تهدف لإرجاعهم إلي دين الآباء ،يقول تعالي (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا :البقرة 217) و جاء التشريع ليواجه بأعداد أقصى قوة ممكنة ـ ليس للاعتداء ولكن لردع أولئك المعتدين وإرهابهم حتى لا يفكروا في الاعتداء. وهى سياسة الردع الوقائي التي أرساها القرآن الكريم وجعلها في تأكيد السلم والحفاظ علية . ولمزيد من العلم تدبر قوله تعالى" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم.الأنفال"60" و لاحظ اختلاف مصطلح القرآن عن الإرهاب ـ ترهبون ـ عن مفهومة في عصرنا, ليس فقط في المفهوم ولكن أيضا في التشريع, فإرهاب العدو المعتدى هنا ليكف عن اعتدائه, أي لإرساء السلام وليس لقتل المدنيين المسالمين. هذا ما كان عليه المسلمون الأوائل ضد مشركي مكة ولكن ما لبث أن دخل مشركو مكة في الإسلام بعد فتحها، وسرعان ما تصدروا جيوش المسلمين في حرب الردة بعد موت النبي ثم تصدروا الجيوش في فتوحات الشام ومصر ثم حكموا البلاد المفتوحة ثم وثبوا على السلطة وأقاموا الإمبراطورية الأموية بالحديد والنار، وتوارثوا السلطة وبعدها تغير المسلمون، واتسعت الفجوة بينهم وبين الإسلام . وبتقرير الحرية الدينية ومنع الفتنة أو الاضطهاد الديني يكون الدين كله لله تعالي يحكم فيه وحده يوم القيامة دون أن يغتصب احدهم سلطة الله في محاكم التفتيش واضطهاد المخالفين في الرأي ،وذلك معني قوله تعالي (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله : الأنفال 39 ). والواضح أن هذه التشريعات في القتال في الإسلام تتفق مع مفهوم الإسلام والإيمان والمسلم المؤمن ،أو بمعني آخر هي تشريعات تؤكد علي السلام وتحميه من دعاة العدوان ،وتؤكد علي حرية العقيدة وتفويض الأمر فيها له سبحانه وتعالي يوم القيامة وتحميها من دعاة التعصب والتطرف وإكراه الآخرين في عقائدهم واختياراتهم مع وضوح الصلة بين المفهوم الإسلامي والإيمان وتشريعات القتال ،إلا أن تشريعات القرآن جاءت بتأكيدات أخرى حتى تقطع الطريق علي كل من يتلاعب بتشريعات القرآن ومفاهيمه ،ونعطي لذلك مثالا ساطعا في سورة النساء وهي تتحدث عن حرمة قتل إنسان مسالم مؤمن مأمون الجانب ،تقول الآية 92 من سورة النساء (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ )أي لا يمكن أن يقتل مؤمن مسالم مؤمنا مسالما إلا علي سبيل الخطأ، أو بمعني آخر لا يمكن أن يتعمد المؤمن المسالم قتل المؤمن المسالم الآخر، ثم تتحدث الآية عن الدية المفروضة وأحكامها .. وتتحدث الآية 93 عن عقوبة قتل المؤمن المسالم (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما )فالذي يقتل مؤمنا مسالما جزاؤه الخلود في جهنم مع العذاب العظيم ولعنة الله وغضبه ،وهي عقوبات فريدة قلما تجتمع فوق رأس احد من الناس يوم القيامة . وتتحدث الآية 94 عن ذلك المؤمن المسالم الذي تحرص تشريعات القرآن علي حقه في الحياة: يقول تعالي (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ،ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا )أي في ساعة المعركة علي المؤمنين أن يستبينوا حتى لا يقعوا في جريمة قتل إنسان مسالم شاء سوء حظه أن يوجد في الميدان. ويعطى القرآن مسوغا للنجاة لكل مقاتل في الجهة المعادية فيكفي أن يقول (السلام عليكم )فإذا ألقاها حقن دمه وأصبح مؤمنا مسالما حتى في ذلك الوقت العصيب ،أي أن المسلم المسالم المؤمن هو من يقول (السلام) حتى في ساعة الحرب وإذا تعرض للقتل فان قاتله يستحق الخلود في النار والعذاب العظيم ولعنة الله وغضبه . و إذا كان محاربا يقتل المسلمين في الحرب ثم بدا له أن يراجع نفسه فما عليه إلا أن يعلن الاستجارة ،وحينئذ تؤمن حياته أو يعطي الأمان، ويسمعونه القرآن حتى يكون سماعه للقرآن حجة عليه يوم القيامة ،ثم علي المسلمين إيصاله إلي بيته في امن وسلام، وذلك معني قوله تعالي (وان احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون :التوبة 6)
إن الناظر بعين المدقق إلى ما يحويه التاريخ من وقائع و حقائق يجد أن المسلمين هم من اعتدى عليهم و مع هذا فإنهم مع المعتدين نادوا بالسلام و الصلح و ليس معنى ذلك أن الإسلام يدعوا إلى الخنوع و الذلة و السلبية تجاه إقامة الحق بل إن الأوقات التي نادى فيها الإسلام بالسلام كان فيها في موقف العزة و النصر فعلى الرغم من اعتداء كفار مكة على المسلمين في أوائل نشر الدعوة و اضطرارهم للهجرة إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما فتح مكة – و هو في موقف النصر و التمكين – لم يعامل أهل مكة بما كانوا يعاملوه و أصحابه به بل عفا عنهم وقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء و لما قام الصليبيون باحتلال العديد من الأراضي الإسلامية (بلاد الشام)و إقامة أربع إمارات صليبية بها و استباحوا الحرمات و قتلوا الكثير من المسلمين و نهبوا الأموال لينقلوها إلى أوروبا بل و تعدوا على قوافل الحجيج و كان المسامون في ذلك المقت في مرحلة الاستضعاف لمدة 94 عاما تقريبا و بعد أن قوى الإسلام في نفوس أهله هيأ الله له العديد من الأمراء لنصرته فقاموا بمحاربة الصليبيين و الانتصار عليهم و كان آخرهم صلاح الدين الذي بتحرير بيت المقدس من أيديهم و نشر السلام و حرية العبادة ليس مع المسلمين فحسب بل مع غير المسلمين طالما أنهم لا ينشروا الفتن و لم ينتهكوا الحرمات و أقام صلح الرملة مع ريتشارد قلب الأسد هذا و إن دل فإنما يدل على سماحة الإسلام و انه دين السلام
أما ما يدعيه أعداء الإسلام من أنه انتشر بحد السيف فقول خاطئ لأن السلام ما خاض الحروب إلا لتخليص الشعوب من وطأة المستعمرين و أن هذه الشعوب أرادت أن يتخلصوا من هؤلاء المستعمرين فالفتوحات الإسلامية في الشام و العراق و غيرهما من البلدان ما قامت إلا لتخليص هذه الشعوب من ظلم الفرس و الروم الذين عثوا في الأرض فسادا و نهبوا الأموال لتتدفق إلى خزائن كسرى و قيصر و اكبر دليل على ذلك ترحيب الشعوب المقهورة بالمسلمين الفاتحين و دخول هذه الشعوب الإسلام أفواجا لما وجدوا فيه و في أهله صفات و تعاملات لم يجدوها في أي دين آخر ذلك السبب الذي جعل الإسلام ينتشر في أسيا و أواسط أفريقيا من خلال التجار المسلمين ... فليت أهل الأرض يعلمون .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق