- بلادى توداى
- 2:47 ص
- تحليلات هامة
- لا توجد تعليقات
هل يجوز تحديد سن معين لزواج القاصر؟هل تزوج القاصرة أم لا؟ أين يبدأ دور الحاكم أو القانون العام وأين ينتهي في هذه القضية؟ أسئلة كثيرة وجدل كبير بين علماء الأزهر يدور حول شرعية زواج القاصرات وحكم الشرع في تحديد السن المناسبة لزواج القصّر، وأحقية ولي الأمر في تقليص ذلك.
القصة بدأت أولى فصولها داخل المملكة العربية السعودية حين أثارت فتوتان متعارضتان حول هذا الشأن بين الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي السعودية والدكتور محمد النجيمي عضو المجمع الفقهي الإسلامي والأستاذ في المعهد العالي للقضاء، حيث أفتى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي السعودية بأن زواج الفتيات اللواتي يبلغن سن العاشرة "حلال"؛ لأن الأنثى إذا تجاوزت العاشرة من العمر أو الـ12 فهي قابلة للزواج.
المسلك السيئ
كما أجاب في محاضرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في رده على سؤال لإحدى الحاضرات عن حكم الشرع فيمن يزوجون القاصرات بدون رضاهن قائلا: "نسمع كثيراً في وسائل الإعلام عن زواج القاصرات، ويجب أن نعلم أن الشرع ما جاء بظلم للمرأة، ومن يقولون إنه لا يجوز تزويج من بلغت سن الـ 15 أو دونه وضرورة إكمال المرأة لسن الـ25 عاماً لتتزوج قد سلكوا مسلكًا سيئًا، لأن أمهاتنا ومن قبلهن جداتنا تزوجن وأعمارهن لم تتجاوز الـ 12".
ويبدو أن هذه الفتوى أثارت الدكتور محمد النجيمي عضو المجمع الفقهي الإسلامي في السعودية؛ فأصدر فتوى تعارضها حيث قال: "لا يجوز تزويج الفتاة القاصر دون الخامسة عشرة سنة، وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "تستأذن البكر وتستأمر الثيب"، وأنه لا بد أن تكون الفتاة بالغة راشدة؛ وذلك لا ينطبق على من لم تبلغ الخامسة عشر عاما".
وأكد أنه من باب السياسة الشرعية فإنه يحق لولي الأمر أن يصدر قرارا بمنع زواج القاصر حيث إنه لا يجوز تزويج القاصر إلا بموافقة القاضي وولي أمرها مع تشكيل لجنة طبية تفيد بأنها تصلح للزواج وأن الزواج قد يكون في مصلحتها.
ويضيف: "ومن أجاز تزويج القاصرات بحجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة عليها السلام في سن التاسعة، فإن ذلك أمر لا صحة له؛ فزواج الرسول عليه الصلاة والسلام من عائشة في هذه السن يعتبر من خصائصه، كما أن ذلك كان قبل حديثه عليه السلام "تستأذن البكر وتستأمر الثيب"، بالإضافة إلى "أن هذه قضية عين وقضايا العين لا يقاس بها".
جاء كلام النجيمي في حديثه لإحدى الصحف السعودية يوم الخامس من فبراير 2009، في تعقيبه على بيان رسمي صادر عن وزارة الصحة السعودية، أن زواج القاصرات له آثار صحية ونفسية سيئة على الفتيات الصغيرات
تقييد المباح
لكن القضية تبدو في عمقها تحتاج إلى مزيد من التحرير لاسيما مناقشة صلاحية القانون والحاكم وشرعية التمدد داخل المساحات الاجتماعية والعرفية خصوصا في الزواج، الدكتور محمد الأحمدي أبو النور وزير الأوقاف المصري الأسبق يؤكد أن من حق الحاكم أو ولي الأمر شرعا أن يقيد المباح الذي لم يرد فيه نص قطعي، وهذا ما ينطبق على زواج الصغيرات.
ويضيف: "من حق ولي الأمر أو من ينيبه سَنّ تشريع بتحديد سن الزواج حسبما يرى فيه المصلحة العامة، ولكن في حدود حتى لا يتسبب في إضرار الفتاة".
ورفض أبو النور رأي القائلين، بإباحة زواج الصغيرة استنادا إلى زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة رضي الله عنها؛ معللا ذلك بأن الظروف تغيرت ومن حق الحاكم في ضوء قراءته الصحيحة للواقع ومحاربة مواطن الفساد أو تعسف آباء الصغيرات أن يقيد ما هو مباح.. وطاعة ولي الأمر هنا واجبة؛ لأنه لم يحلل حرامًا ولم يحرم حلالا، وكذلك ورد فيه نص ولا شيء في فرضه عقوبات لمن يخرج علي التشريع الذي سنّه
تحديد السن مرفوض
ويعارضه في الرأي الدكتور عبد الله عبد الحي العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، حيث يرى أن تحديد سن معينة للزواج أمر غير مقبول عقليا أو شرعيا، وذلك لاختلاف سن البلوغ من فتاة لأخرى، ولهذا فإن لكل حالة حكمها المستقل بها.
ويواصل: "القانون في هذه الحالة قد منع حلالا ولا شيء في مخالفته أو الخروج عليه، ولنا في رسول الله صلى الله عليه الأسوة الحسنة في الزواج بالسيدة عائشة وهي بنت التاسعة؛ لأن جسدها قد نضج في البيئة الصحراوية في هذه السن المبكرة؛ ولهذا فإنه من المرفوض شرعا تدخل الحاكم بتحديد سن معينة للزواج، فما يهمنا هو أن تكون الفتاة مهيأة للزواج، بصرف النظر عن سنها، وبالتالي فإن ولي أمرها يكون آثما شرعا إذا عطّل زواجها بحجة أنها لم تبلغ سن معينة".
ويرفض الدكتور عبد الحي أن يكون كلام الأطباء هو الفيصل في تحديد سن الزواج؛ لأنه يفترض أن الطب هنا استشاري، ولا يجوز تعميمه على الجميع، وإنما يمكن الاستئناس به في كل حالة على حدة، وحتى إذا خالف ولي أمر الفتاة رأي الطب ووافق على زواج ابنته ورضيت هي بذلك فهو عقد زواج صحيح شرعًا، ولكن يستحسن أن يتم تأجيل الدخول حتى ترى الفتاة نفسها قادرة على القيام بواجبات الزوجية دون أن يلحق بها ضرر.
أجندة غربية
ووصف الدكتور محمد فؤاد شاكر رئيس قسم الشريعة الإسلامية بحقوق عين شمس تحديد سن معينة لزواج البنات، بأنه نوع من تنفيذ أجندة غربية تدعو إليها المنظمات النسوية الغربية، التي لا تريد بنا خيرًا، وأن ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
ويضيف: "والغريب أنه يتم الاستشهاد على ذلك ببعض الروايات الضعيفة الموضوعة عن السيدة عائشة، التي تقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوجها وعمرها أكثر من 17 سنة، ولهذا فإن سنّ تشريع يعاقب الأب أو ولي البنت أيا كانت درجته مخالف للشرع؛ لأنه لم يعتمد على نص شرعي أو اجتهاد عقلي سديد".
ويؤكد أن وليها إذا زوّجها وتوافرت في العقد شروط صحته من إيجاب وقبول وولي؛ فلا يجوز الطعن فيه حتى ولو كانت الفتاة لم تبلغ بعد.
ويشير إلى أن الشرع هنا لم يظلم الفتاة وإنما أعطاها حق الاعتراض إذا تم إرغامها على الزواج ومن حقها هنا رفع الأمر للقاضي واستبدال وليها الذي أراد تزويجها رغما عنها بولي آخر، فإن لم يكن هذا متوافرا فوليها السلطان أو من ينيبه، وفي نفس الوقت من حقها الاعتراض على أي تشريع يحدد سن معينة للزواج ولا يعد هذا خروجا على الحاكم، بل ومن حقها أيضا تنحية من يظلمها ولا تنفذ أوامره حتى لو كان وليها المباشر أو حتى الحاكم.
زواج القاصر صحيح
ويؤكد الدكتور عبد الرحمن عميرة العميد السابق لكلية أصول الدين بأسيوط أنه لا قيمة لأي تشريع وضعي يخالف نص شرعي صريح، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج السيدة عائشة وهي بنت تسع سنين، حيث جاء في صحيح البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين.
وجاء في صحيح الإمام مسلم عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين، وقد أباحت شريعة الإسلام تزويج البنات الصغار، وجعلت تزويجهن للأولياء.
لا يجوز مخالفة ولي الأمر
ويختلف معه في الرأي الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة، حيث يؤكد أن الشرع أتاح لولي الأمر اتخاذ كل ما من شأنه إصلاح شأن رعيته، بشرط ألا يتعارض ذلك مع نص صريح في الكتاب أو السنة، وهذا ما ينطبق على هذه القضية؛ لأنه لا توجد نصوص شرعية تحدد سن الزواج وتفرضه على الناس.
مقتبس من إسلام أون لاين
ولهذا فإن وجود تشريع يحدد سن الزواج مع الاسترشاد بآراء الأطباء لا شيء فيه من الناحية الشرعية، وفي هذه الحالة يكون الالتزام بهذه القوانين المحددة لسن الزواج واجب شرعا، ومن يخرج عليها فهو آثم ومن حق الحاكم فرض عقوبة تعذيرية عليه، حتى وإن كان العقد صحيحا، ومن حق الحاكم فسخه إذا لم يتم الدخول بعد، أما إذا تم الدخول فإنه يقتصر على العقوبة التعذيرية لولي أمر القاصر الذي خالف القانون الذي وضعه الحاكم.
........................................................................................................................................مقتبس من إسلام أون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق