- بلادى توداى
- 1:27 ص
- أبحاث ودراسات ، شريعة ومنهاج الإسلام
- لا توجد تعليقات
من سلسلة مواعظ الإمام ابن الجوزى
يا هذا : طهر قلبك من الشوائب ، فالمحبة لا تلقى إلا في قلبٍ طاهر، أما رأيت الزارع يتخير الأرض الطيبة ويسقيها ويرويها ثم يثيرها ويقلبها، وكلما رأى حجراً ألقاه، وكلما شاهد ما يؤذى نجاه ، ثم يلقى فيها البذر ويتعاهدها من طوارق الأذى ؟ وكذلك الحق عز وجل إذا أراد عبداً لوداده حصد من قلبه شوك الشرك، وطهره من أوساخ الرياء والشك ، ثم يسقيه ماء التوبة والإنابة ، ويثيره بمسحأة الخوف والإخلاص، فيستوي ظاهره وباطنه في التقى، ثم يلقى فيه بذر الهدى، فيثمر حب المحبة، فحينئذ تحمد المعرفة وطناً ظاهراً، وقوتاً طاهراً ، فيسكن لب ويثبت به سلطانها في رستاق البذر
، فيسري من بركاتها إلى العين ما يفضها عن سوى المحبوب، وإلى الكف ما يكفها عن المطلوب، وإلى اللسان ما يحبسه عن فضول الكلام ، وإلى القدم ما يمنعه من سرعة الإقدام، فما زالت تلك النفس الطاهرة رائضها العلم ، ونديمها الحلم، وسجنها الخوف ، وميدانها الرجاء ، وبستانها الخلوة ، وكنزها القناعة وبضاعتها اليقين ، ومركبها الزهد، وطعامها الفكر، وحلواها الأنس ، وهي مشغولة بتوطئة رحلها لرحيلها ، وعين أملها ناظرة إلى سبيلها، فإن صعد حافظاها، فالصحيفة وإن جاء البلاء فالنفس صابرة تقية ، وإن أقبل الموت وجدها من الغش خلية ، فيا طوبى لها إذا نوديت يوم القيامة : (يأَيَّتُهَا النَّفسُ المُطمَئِنَّةُ ارجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرضِيَّة) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق