- بلادى توداى
- 5:53 ص
- شريعة ومنهاج الإسلام
- لا توجد تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين وخاتم النبيين وشفيعنا يوم الدين صلوات بى وسلامه عليه النبى العربى الأمى الأمين وأما بعد : فقد أحببت تذكرة الأخوة الزور بهذا الكتاب الجليل للعلامة الإمام الذهبى سائلين المولى عز وجل أن ينفعنا بما فيه من خيرات وعلم ونور وبرهان جعله الله فى موازين حسناتنا إن شاء الله اللهم آمين .
الكبائر
ما نهى الله ورسوله عنه في الكتاب والسنة والأثر عن السلف الصالحين وقد ضمن الله تعالى في كتابه العزيز لمن اجتنب الكبائر والمحرمات أن يكفر عنه الصغائر من السيئات لقوله تعالى " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً " . فقد تكفل الله تعالى بهذا النص لمن اجتنب الكبائر أن يدخله الجنة وقال تعالى " والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون " وقال تعالى " والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة " .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" فتعين علينا الفحص عن الكبائر ما هي لكي يجتنبها المسلمون. فوجدنا العلماء رحمهم الله تعالى قد اختلفوا فيها فقيل: هي سبع. واحتجوا بقول النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم " اجتنبوا السبع الموبقات " فذكر منها: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات. متفق عليه. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع وصدق والله ابن عباس. وأما الحديث فما فيه حصر الكبائر والذي يتجه ويقوم عليه الدليل أن من ارتكب شيئاً من هذه العظائم مما فيه حد في الدنيا كالقتل والزنا والسرقة أو جاء فيه وعيد في الآخرة من عذاب أو غضب أو تهديد أو لعن فاعله على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه كبيرة ولا بد من تسليم أن بعضالكبائر أكبر من بعض. ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم عد الشرك بالله من الكبائر مع أن مرتكبه مخلد في النار ولا يغفر له أبداً قال الله تعالى: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " .
الكبيرة الأولى : الشرك بالله :
فأكبر الكبائر الشرك بالله تعالى وهو نوعان:
أحدهما:
أن يجعل لله نداً ويعبد غيره من حجر أو شجر أو شمس أو قمر أو نبي أو شيخ أو نجم أو ملك أو غير ذلك وهذا هو الشرك الأكبر الذي ذكره الله عز وجل قال الله تعالى: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " وقال تعالى: " إن الشرك لظلم عظيم " وقال تعالى: " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار " . والآيات في ذلك كثيرة. فمن أشرك بالله ثم مات مشركاً فهو من أصحاب النار قطعاً كما أن من آمن بالله ومات مؤمناً فهو من أصحاب الجنة وإن عذب بالنار. وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً قالوا: بلى يا رسول الله قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " . فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. وقال صلى الله عليه وسلم: " اجتنبوا السبع الموبقات " . فذكر منها الشرك بالله وقال صلى الله عليه وسلم: " من بدل دينه فاقتلوه " . الحديث.
والنوع الثاني من الشرك:
الرياء بالأعمال كما قال الله تعالى : " فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً " .
أي لا يرائي بعمله أحداً وقال صلى الله عليه وسلم: " إياكم والشرك الأصغر قالوا يا رسول الله وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء يقول الله تعالى يوم يجازي العباد بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراءونهم بأعمالكم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء " . وقال صلى الله عليه وسلم: " يقول الله من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري فهو للذي أشرك وأنا منه برئ " . وقال " من سمع سمع الله به ومن رايا رايا الله به " . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: " رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر " . يعني أنه إذا لم يكن الصلاة والصوم لوجه الله تعالى فلا ثواب له كما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " مثل الذي يعمل للرياء والسمعة كمثل الذي يملأ كيسه حصى ثم يدخل السوق ليشتري به فإذا فتحه قدام البائع فإذا هو حصى وضرب به وجهه ولا منفعة له في كيسه سوى مقالة الناس له ما أملا كيسه ولا يعطي به شيئاً. فكذلك الذي يعمل للرياء والسمعة فليس له من عمله سوى مقالة الناس ولا ثواب له في الآخرة " . قال الله تعالى: " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً " . يعني الأعمال التي عملوها لغير وجه الله تعالى أبطلنا ثوابها وجعلناها كالهباء المنثور وهو الغبار الذي يرى في شعاع الشمس. وروى عدي ابن حاتم الطائي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يؤمر بفئام أي جماعات من الناس يوم القيامة إلى الجنة حتى إذا دنوا منها واستنشقوا رائحتها ونظروا إلى قصورها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها نودوا أن اصرفوهم عنها فإنهم لا نصيب لهم فيها فيرجعون بحسرة وندامة ما رجع الأولون والآخرون بمثلها فيقولون: ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من ثواب ما أعددت لأوليائك كان أهون علينا. فيقول الله تعالى: ذلك ما أردت بكم كنتم إذا خلوتم بارزتموني بالعظائم وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين تراءون الناس بأعمالكم خلاف ما تعطوني من قلوبكم. هبتم الناس ولم تهابوني وأجللتم الناس ولم تجلوني وتركتم للناس ولم تتركوا لي يعني لأجل الناس فاليوم أذيقكم أليم عقابي مع ما حرمتكم من جزيل ثوابي وسأل رجل رسول الله ما النجاة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " أن لا تخادع الله " . قال: وكيف يخادع الله؟ قال: أن تعمل عملاً أمرك الله ورسوله به وتريد به غير وجه الله. واتق الرياء فإنه الشرك الأصغر وإن المرائي ينادى عليه يوم القيامة على رؤوس الخلائق بأربعة أسماء: يا مرائي يا غادر يا فاجر يا خاسر ضل عملك وبطل أجرك فلا أجر لك عندنا اذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له يا مخادع " . وسئل بعض الحكماء رحمهم الله من المخلص؟ فقال: المخلص الذي يكتم حسناته كما يكتم سيئاته وقيل لبعضهم: ما غاية الإخلاص قال: أن لا تحب محمدة الناس. وقال الفضيل بن عياض رضي الله عنه ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجل الناس شرك والاخلاص أن يعافيك الله منهما. اللهم عافنا منهما وأعف عنا.
----------------------------------------------------------------
إلى لقاءآخر مع كتاب الكبائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق