- بلادى توداى
- 3:05 ص
- شريعة ومنهاج الإسلام
- لا توجد تعليقات
بقلم الدكتور:- حسين حسين شحاتة
المقاصد المنشودة من المشروعات القومية:
تدخل المشروعات القومية في نطاق الملكية العامة ذات المنافع العامة التي يستفيد منها الناس جميعاً وكذلك المخلوقات الأخرى والتي يجب الاهتمام بها وتأخذ حكم حرمة الإهمال فيها أو التقصير في إعدادها أو إهدارها.
ومن أهم المقاصد الأساسية للمشروعات القومية ما يلي :
• تحقيق المنافع العامة الضرورية للشعب والتي لا يُقبل على تقديمها القطاع الخاص.
• أن تكون المنافع المرجوة متناسبة مع تكاليفها.
• أن تكون المنافع في مجال الضروريات والحاجيات.
• أن تساهم في المحافظة على البيئة ولا ينجم عنها أضرار.
• أن تساهم في تخفيض المشقة على الناس.
• أن تحافظ على تحقيق الأمن والأمان.
ومن أمثلة المشروعات القومية: دور العبادة والعلم والعلاج والمصالح المعتمدة شرعاً, وإقامة الطرق والجسور والقناطر والمواني والمرافق العامة وكذلك مشروعات البنية الأساسية واستخراج المعادن وما في حكم ذلك.
ويجب أن توضع للمشروعات القومية دراسة جدوى بمعرفة أهل الاختصاص والخبرة ممن تتوفر فيهم مجموعة من الصفات منها : القيم والأخلاق والكفاءة الفنية والعلم بأحوال المجتمع وعاداته وتقاليده وكذلك الولاء والانتماء الوطني.
كما يضبط هذه الدراسة مجموعة من الضوابط الشرعية والمعايير الفنية على النحو الوارد في البنود التالية.
ضوابط ومعايير إعداد دراسات الجدوى للمشروعات القومية :
ولقد وضع الفقهاء والعلماء والخبراء مجموعة من الضوابط الشرعية والمعايير الفنية الواجب الالتزام بها عند دراسة الجدوى لأي مشروع قومي من أهمها ما يلي :
• المشروعية : ويقصد بذلك أن تكون المشروعات القومية متفقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية أو على أضعف الإيمان أن لا تتعارض معها.
• المنفعة العامة : أن تساهم تلك المشروعات في تحقيق المنفعة العامة المشروعة للناس وللمخلوقات ويدخل في نطاق ذلك التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
• الأولويات الإسلامية: ويقصد بذلك أن تكون أولاً في مجال الضروريات والحاجيات المرتبطة بالمقاصد الشرعية مثل المأكل, الملبس, والمأوى والعلاج والتعليم والأمن.
• المحافظة على المال: ويقصد بذلك أن تكون هناك محافظة على المال العام الذي يستثمر في هذه المشروعات من كافة صور الهلاك والضياع والابتزاز والإسراف والتبذير وما في حكم ذلك.
• تقليل المخاطر : فلا يجوز المغامرة في مشروع قومي ذي مخاطر عالية لا يحقق مقاصده المشروعة, وبلغة أخرى أن تكون المخاطر مقبولة ومعتادة.
• تنمية المنافع : أن تساهم في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة للأجيال الحاضرة والقادمة.
• الشفافية والمصداقية: ويقصد بذلك وضع نظم متابعة ورقابة وتقويم أداء بواسطة تقارير صادقة وأمينة.
ضوابط ومعايير يجب توافرها فيمن يقومون بإعداد دراسة الجدوى :
من أهم هذه الضوابط والمعايير ما يلي :
• القيم الإيمانية والأخلاقية مثل : "الإخلاص / الصدق / الأمانة / الإتقان / المشورة".
• القيم الوطنية مثل : "الولاء / الانتماء / وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
• الكفاءة الفنية والخبرات المتراكمة في دراسات الجدوى.
• إتقان استخدام الأساليب الفنية المعاصرة.
• ضوابط ومعايير خاصة بكل دراسة.
• المعاصرة في استخدام أساليب دراسة الجدوى بدقة وبإتقان.
• تزاوج المعارف في نطاق المشاركة والمشورة.
• المتابعة والرقابة وتقويم الأداء بعيداً عن العواطف والمشاعر والمجاملات.
لو توافرت الضوابط الشرعية والمعايير الفنية السابقة, لحققت دراسة الجدوى مقاصدها المنشودة في اتخاذ القرارات الرشيدة في اختيار المشروعات القومية.
هل حققت المشروعات القومية المصرية مقاصدها المستهدفة ؟؟ !! :
(أسباب فشل بعض المشروعات القومية المصرية)
هناك بعض المشروعات القومية المصرية لم تحقق المقاصد المنشودة مثل : مشروع توشكى ومشروع فوسفات أبو طرطور ومشروع شرق العوينات.. ونحوها, وهذا يرجع إلى مجموعة من أوجه القصور في الدراسة ذاتها أو في التنفيذ , من أبرزها ما يلي :
• عدم التيقن من صحة البيانات والمعلومات المقدمة من الجهات المسئولة عند اتخاذ القرار بقبول أو رفض أو تعديل المشروع القومي , فإذا كانت المدخلات خاطئة ومعيبة كانت القرارات خاطئه وغير رشيدة.
• المشورة الوهمية المطبقة في اتخاذ قرار الموافقة والتنفيذ , حيث إن بعض المشاركين يخجلون أو يخافون معارضة البعض الآخر من ذوي النفوذ بل أحياناً تكون الموافقة المسبقة للحصول على مغانم أو على أضعف الإيمان كسب رضاهم.
• أحياناً يتولى القيام بدراسة الجدوى مكاتب خاصة غير عليمة بطبيعة البيئة المصرية وبعادات وبتقاليد المجتمع المصري وظروفه , ولذلك فإنهم ليسوا من أهل مكة حتى يكونوا على علم بشعابها , كما أحياناً تتدخل القيادة السياسية لأغراض مريبة بالضغط على فريق دراسة الجدوى بالتوصية بالموافقة لغاية مريبة.
• أحياناً تقوم بعض الجهات المساهمة في تمويل المشروع من الخارج بفرض مكاتب أجنبية استشارية خاصة بدراسة الجدوى وهم ليسوا على المستوى المطلوب ومقصدهم من ذلك تحقيق منافع غير مشروعة.
• أحياناً يتم تهميش أهل الخبرة والاختصاص والعلم والكفاءة من العاملين بالوزارات والهيئات التابع لها المشروعات القومية علماً بأنهم أقدر الخبراء في إعداد مثل هذه الدراسات وتُعطى الدراسة لغيرهم بدون مبرر موضوعي.
• التفاؤل التام في تقدير العوائد المرجوّة من المشروع ولم يأخذ في الحسبان المخاطر الجسيمة التي قد تسبب خسائر عالية
• أحياناً تتوقف مصادر تمويل بعض المشروعات القومية بسبب الاعتماد على الغير أو الاعتماد على قروض ربوية وصدق الله القائل: "يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا".
• أحياناً يوجد بعض الوسطاء الذين يحصلون على مكاسب غير مشروعة (عمولات/ سمسرة / رشوة) تؤدي إلى زيادة النفقات , وهؤلاء لا يعنيهم نجاح المشروع أو فشله بل يهمهم المكاسب الخاصة ,كما أن هؤلاء المفسدين لا يهمهم الحلال والحرام بل يهمهم جمع المال السحت.
وخلاصة القول: إن من أهم أسباب فشل المشروعات القومية وجود عيوب في دراسة الجدوى ذاتها وكذلك عيوب في القائمين على أمر التنفيذ, وكلاهما يمكن التغلب عليها لو تم الالتزام بالضوابط الشرعية والمعايير الفنية السابق بيانها.
وجوب إعادة النظر في معايير دراسة الجدوى للمشروعات القومية:
لتجنب تكرار الفشل في المشروعات القومية يجب أن يتولى دراسة الجدوى جهاز وطني من أهل التقوى والصلاح والأخلاق والخبرة والكفاءة الفنية العالية ويكون الرجوع إلى المكاتب الخارجية عند الضرورة والتي تقاس بقدرها, وأن يعاد النظر في المعايير التي على أساسها يتم اختيار المشروع, من هذه المعايير على سبيل المثال ما يلي:
* معيار اختيار المشروعات التي تساهم في الضروريات والحاجيات.
* معيار اختيار المشروعات التي تولد منافع لأكبر عدد من الفقراء.
* معيار اختيار المشروعات التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي.
* معيار اختيار المشروعات التي تحقق التوازن بين مصالح الأجيال الحاضرة والقادمة.
* معيار اختيار المشروعات التي تتجنب تلوث البيئة والإضرار بالأحياء.
* معيار اختيار المشروعات التي تساهم في تحقيق الأمن القومي وعدم الركون إلى الأعداء
* معيار اختيار المشروعات التي تساهم في الاعتماد على الذات وتحقيق المواطنة.
* معيار اختيار المشروعات التي تساهم في التنمية الاجتماعية.
فإذا ما تم اختيار تقويم المشروعات على أساس المعايير السابقة, إن شاء الله سوف لا تفشل المشروعات أو تبدد الأموال أو تهدد الطاقات أو تخيب الآمال, وصدق الله العظيم القائل : (إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) (الكهف :30), وصدق رسول الله صلى الله علية وسلم القائل : "إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته, فإن كان خيراً فامضه, وإن كان غياً فانته عنه" (عن عبادة بن الصامت).
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق