- بلادى توداى
- 2:52 ص
- تحليلات هامة
- لا توجد تعليقات
د. محمد البلتاجي
في هدوء وصمت هما ترف لا يليق بنا في هذه اللحظات الحرجة من عمر مصر مر هذا الكتاب الساخن الملئ بالحقائق الزاعقة التي تصرخ بلا هوادة مشخصة أسباب أمراض مصر السياسية وتقترح أفكارا وآليات لعلاجها ..
مؤلف الكتاب هو أستاذ طب ، طوّر دوره في الحياة وجمع إلى ( طب ) البشر ، محاولة ( علاج) البلد ..والمسافة بين طب الأوطان وطب السكان ليست بعيدة ، خصوصا في بلد مصر يتسرطن أهله وتتفشى فيهم الأوبئة بدعم وترويج رسميين وسياسات حكومية منهجية تمارسها قيادات نافذة في الحزب الحاكم.
أهمية الكتاب وخصوصيته تتعززان من كون مؤلفه د. محمد البلتاجي قياديا بجماعة الإخوان المسلمين ، الجماعة التي مثلت أبرز ضحايا تأخر الإصلاح السياسي الذي يتحدث عنه الكتاب ، فمن زاوية ، طالما تذرع النظام للماطلة في دفع استحقاقات مصر من الإصلاح السياسي بأن هذا الإصلاح لو تم فأول مستفيد منه هم الإخوان الذين ينتهزون أي فرصة للقفز على السلطة حسبما يصورهم النظام، ومن زاوية أخرى الإخوان هي أكثر جماعة حرمت من حقوقها السياسية ، وطورد أعضاؤها ونكل بهم وحوربوا في حريتهم وأقواتهم بسبب تأخر الإصلاح السياسي الذي كان من تجلياته اختلاط مفاهيم سياسية مركزية في أي عملية ديمقراطية على رأسها مفهوم " الشرعية " ذلك الخلط الذي ارتكز عليه النظام وهو يصم الإخون في إعلامه الحكومي بأنها ( محظورة ) وغير شرعية وذلك في نفس الوقت الذي يمثل انتشار الجماعة في الشارع والجامعات والنقابات أحد أبرز الظواهر السياسية المصرية ، كما أنها ممثلة في مجلس الشعب بـ 88 عضوا!!.
يقع الكتاب في 162 صفحة من القطع الصغير وهو صادر عن المركز الحضاري للدراسات المستقبلية ، ويضم مجموعة مقالات نشرها د. البلتاجي في عدة صحف مصرية ورقية وإليكترونية يومية وأسبوعية منها " بر مصر " ، بعض هذه المقالات أحدث أصداء واسعة خصوصا المقال الذي يأتي في آخر الكتاب والذي ضمنه المؤلف عشرة مطالب سياسية وجهها للنظام كرؤية عملية لإنجاز إصلاح سياسي على الأرض ، وهي مقترحات التي تمثل نقاط التقاء واتفاق بين أغلب إن لم يكن كل القوى السياسية المهمومة بحاضر مصر ومستقبلها.
ويمكن تقسيم المقالات التي يحويها الكتاب إلى ثلاثة محاور ، أولها : مقالات تحوي رصدا لوقائع التدهور المنهجي للحياة السياسية المصرية ، ذلك التدهور الذي يمارسه النظام الحاكم بكفاءة لافتة عبر سلسلة من "إجراءات الدمار الشامل " التي مثلت التعديلات الدستورية أبرزها وأشدها وضوحا وفجاجة وبلور النظام فيها فلسفته في " احتقار " الرأي العام المصري ونخبه الفكرية والسياسية والنكث بوعوده هو شخصيا بل والتراجع عن وعود سابقة بعدم تعديل الدستور واحترام القانون ..
المحور الثاني في مقالات الكتاب يضم شهادات د. البلتاجي على اختناقات وخناقات سياسية كان عسف النظام الحاكم وبطشه وطيشه بطلها الأول والأخير والأوحد منها تلك المفاصلة المنكودة التي يروج لها النظام وإعلامه بين دعم المقاومة الفلسطينية والأمن القومي المصري ، ومنها أيضا إساءة نواب عن الحزب الحاكم في مجلس الشعب بألفاظ نابية للمقاومة الفلسطينية ولنواب المعارضة ، وكذلك الخطيئة السياسية المصرية التي تتواصل ليل نهار في إحكام الخناق على السياسة في مصر والمتمثلة في الأغلبية البرلمانية " الميكانيكة " والمكونة من نواب الحزب الحاكم ، الذين يمثون الذراع البرلمانية لتنفيذه وتمرير كل الجرائم السياسية على أرض الواقع
أما المحور الثالث في الكتاب فيتمثل في مجموعة مقالات ضمنها الكاتب قراءته لقضية توريث الحكم في مصر ، ومقترحاته للخروج من المأزق السياسي الراهن الذي يعصف بواقع ومستقبل البلاد
------------------------------------------------------
المحور الأول : سرد وقائع موت سياسي معلن
للروائي العالمي الكولومبي جابرييل جارثيا ماركيز ، حائز جائزة نوبل ،رواية شهيرة باسم ( سرد وقائع موت معلن ) ، أما الموت المعلن هنا فهو ما يحدث للسياسة المصرية على يد النظام الحاكم وأغلبيتة البرلمانية ، ذلك الموت رصده الدكتور محمد البلتاجي في عدة مقالات في كتابه المهم ( مصر 2005-2010.. ولماذا لم يتحقق الإصلاح المنشود؟!)
في هذا المحور من الكتاب يرصد المؤلف الخطوات العملية التي قام بها النظام لـ " بتر أطراف " الممارسة السياسية المصرية ، تلك الخطوات التي بدأت في العام 2004 حيث يقول الكاتب أن السبب في هذه الخطوات أو الإجراءات كانت " الرياح الصناعية " – على حد وصف الكتاب- التي هبت على المنطقة العربية من الغرب متمثلة في ضغوط أمريكية على حكومات المنطقة لإجراء بعض الإصلاحات السياسية
ويؤكد الكاتب أن تلك الضغوط تزامنت مع ظرف سياسي وشعبي ساخط ممهد لحراك عام في مصر انطلق بعد قليل من إطلاق مرشد الإخوان السابق الأستاذ مهدي عاكف لمبادرته الشهيرة للإصلاح السياسي في مارس 2004 ،بعد ذلك تتابعت الخطوات الرسمية لبتر الأطراف السياسية المصرية على النحو التالي :
1 – بعد حديث طويل دام لسنوات تحت شعار ( لا مساس بالدستور ) أعلن الرئيس مبارك في خطوة مفاجئة في 26 /1/2005 استعداده لتعديل المادة 76 من الدستور للانتقال من حالة الاستفتاء على الرئيس إلى انتخابه بين أكثر من مرشح ..ويصف الكاتب النتيجة التي تمت على أرض الواقع لإعلان الرئيس عن تعديل المادة 76 بـ" الخطيئة الدستورية التي جاءت في 4 صفحات " والتي جاءت بانتخابات رئاسية شكلية يصفها الكاتب بـ " الاستختاب " ، وتوجت تلك الخطيئة باعتقال المئات من أعضاء القوى السياسية الذين خرجوا في مظاهرات ضد تلك التعديلا الدستورية الشكلية ، واستخدام النظام للبلطجية بصورة سافرة خصوصا ضد مظاهرة 25/5/ 2005 الشهيرة التي تحرش البلطجية خلالها بالصحفيات على سلم نقابة الصحفيين
2 – بعد اكتساح حركة حماس للانتخابات الفلسطينية في غزة اتفقت الأطراف الدولية والإقليمية على ( عودة الإشارات الحمراء ) ضد الطموحات الشعبية في الدول العربية
3 – في 2006 أجلت الحكومة موعد انتخابات المحليات تحت ذريعة انتظار الانتهاء من قانون جديد للإدارة المحلية ، في حين أن السبب الرئيسي هو السخط الشعبي العارم ضد الحزب الوطني بسبب توالي جرائم قياداته بحق الشعب التي توجت في فبراير 2006 بقتل أكثر من 1400 مصري في عبارة مملوكة لممدوح إسماعيل أحد حيتان الحزب الوطني
4 – في إبريل 2006 مددالنظام العمل بقانون الطوارئ لعامين جديدين مستغلا ( الأغلبية البرلمانية الميكانيكية ) بعد 25 سنة متواصلة من الطوارئ.
5 – بعد فضح عدد من القضاة الشرفاء لجرائم النظام في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ضد بعض نواب الإخوان عاقب النظام المستشارين ( هشام البسطويسي وأحمد مكي ) بإحالتهما إلى لجنة التأديب والصلاحية ، خاصة وأن القضاء طالبوا باستقلال السلطة القضائية عن التنفيذية والإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، وخرجت المظاهرات داعمة لمطالب القضاء الشرفاء فاعتقل النظام المئات من المتظاهرين بينهم 600 من قيادات وكوادر جماعة الإخوان المسلمين..
6 – في الساعات الأخيرة لبرلمان 2006 وافقت نفس الأغلبية البرلمانية الميكانيكية على تغليظ العقوبات ضد الصحفيين في قضايا النشر وأدخلت مواد جديدة تستوجب حبس الصحفي إذا تعرض للذمة المالية للهيئات والمؤسسات ورؤساء الدول.
7 – في نوفمبر 2006 اعتقل النظام أعدادا ضخمة من قيادات الإخوان ، وطلاب الجماعة بالجامعات بعد اختلاق أكاذيب إعلامية حول عرض رياضي نظمه طلاب الإخوان بجامعة الأزهر ، وتطور الأمر حتى تحول إلى محاكمة عسكرية هزلية جديدة لـ 40 من قيادات الجماعة
8 – في يناير 2007 ، وفي تحد لكل القوى الوطنية ، وفي عصف شامل بكل أحلام الإصلاح السياسي وفي نكث واضح بوعود النظام نفسه بشأن الدستور والإصلاح أنجز النظام تعديلات دستورية مثلت انقلابا سياسيا تاريخيا في فداحته ، يسميها الكاتب ( تعويجات دستورية ) وذلك بطول 34 مادة من الدستور استحدثت قيودا استثنائية على الممارسة السياسية منها مثلا:
- المادة ( 5) تحظر أي ممارسة سياسية على أسس دينية
- المادة (76) تكرس حرمان الشعب كله من الترشح للرئاسة لصالح شخص بعينه ومجموعة ( كومبارسات )
- المادة ( 88) تلغي الإشراف القضائي على الانتخابات
- المادة ( 179) تطلق يد الشرطة في مداهمة بيوت الناس واعتقالهم دون إذن قضائي ، ونفس المادة تتيح للنظام إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية دون ضوابط
9 – جاءت انتخابات مجلس الشورى في يونيو 2007 كتجربة لاختبار نتائج التعديلات الدستورية وبالفعل خص الحزب الوطني الحاكم كل المقاعد التي كانت مطروحة في تلك الانتخابات للتجديد الثلثي للمجلس
10 - في 9/2007 أُحيل للقضاء 4 رؤساء تحرير لصحف غير حكومية بتهمة إهانة رئيس الجمهورية
11 – في 2/2008 عوقب النائب سعد عبود بسبب تقديمه استجوابا حول قصور أداء وزارة الداخلية في بعثة الحج ، وكان ذلك العقاب صدمة لأن دور النائب هو ممارسة دوره الرقابي
12 – في 8 إبريل 2008 أجريت انتخابات المحليات التي يصفها بالكاتب بـ ( الوهمية ) ، مؤكدا أن هذه الانتخابات شهدت تشكيل هيكل إداري لمنع المرشحين من الترشح ، ضم الهيكل : أمن الدولة والبلطجية الإدارة المحلية ،وبهذا تكون مصر انفردت بظاهرة قمعية جديدة هي منع المرشحين من الأساس من التقدم بطلبات الترشيح في انتخابات عامة ، ورغم صدور آلاف الأحكام القضائية بوقف الانتخابات إلا أنها تمت وحصد الحزب الوطني غالبية مقاعده!!
13 – في 15 إبريل 2008 حكم القضاء العسكري على قيادات الإخوان في القضية العسكرية المشار إليها منذ قليل بأحكام سجن قاسية تتراوح بين 3 و10 سنوات طالت عدة مستويات من القيادات الإخوانية على رأسها المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني لمرشد الجماعة
14 – في 26 /5/2008 تم تمديد العمل بقانون الطوارئ لعامين جديديين
15 – في 8/3/2009 أجريت تغييرات صحفية في عدة صحف حكومية جاءت برؤساء تحرير جدد من كورال التوريث
16 – في 30/6/2009 تجاهل الرئيس مبارك كل نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا واختار المستشار فاروق سلطان لرئاستها، والمستشار سلطان هو الرئيس السابق لمحكمة جنوب القاهرة وهو الذي شهد عهده استمرار وقف إجراء انتخابات نقابتي المهندسين والأطباء وهو الوقف الذي امتد طوال 15 عاما
جولتنا مع الكتاب مازالت مستمرة بإذن الله تعالى
مؤلف الكتاب هو أستاذ طب ، طوّر دوره في الحياة وجمع إلى ( طب ) البشر ، محاولة ( علاج) البلد ..والمسافة بين طب الأوطان وطب السكان ليست بعيدة ، خصوصا في بلد مصر يتسرطن أهله وتتفشى فيهم الأوبئة بدعم وترويج رسميين وسياسات حكومية منهجية تمارسها قيادات نافذة في الحزب الحاكم.
أهمية الكتاب وخصوصيته تتعززان من كون مؤلفه د. محمد البلتاجي قياديا بجماعة الإخوان المسلمين ، الجماعة التي مثلت أبرز ضحايا تأخر الإصلاح السياسي الذي يتحدث عنه الكتاب ، فمن زاوية ، طالما تذرع النظام للماطلة في دفع استحقاقات مصر من الإصلاح السياسي بأن هذا الإصلاح لو تم فأول مستفيد منه هم الإخوان الذين ينتهزون أي فرصة للقفز على السلطة حسبما يصورهم النظام، ومن زاوية أخرى الإخوان هي أكثر جماعة حرمت من حقوقها السياسية ، وطورد أعضاؤها ونكل بهم وحوربوا في حريتهم وأقواتهم بسبب تأخر الإصلاح السياسي الذي كان من تجلياته اختلاط مفاهيم سياسية مركزية في أي عملية ديمقراطية على رأسها مفهوم " الشرعية " ذلك الخلط الذي ارتكز عليه النظام وهو يصم الإخون في إعلامه الحكومي بأنها ( محظورة ) وغير شرعية وذلك في نفس الوقت الذي يمثل انتشار الجماعة في الشارع والجامعات والنقابات أحد أبرز الظواهر السياسية المصرية ، كما أنها ممثلة في مجلس الشعب بـ 88 عضوا!!.
يقع الكتاب في 162 صفحة من القطع الصغير وهو صادر عن المركز الحضاري للدراسات المستقبلية ، ويضم مجموعة مقالات نشرها د. البلتاجي في عدة صحف مصرية ورقية وإليكترونية يومية وأسبوعية منها " بر مصر " ، بعض هذه المقالات أحدث أصداء واسعة خصوصا المقال الذي يأتي في آخر الكتاب والذي ضمنه المؤلف عشرة مطالب سياسية وجهها للنظام كرؤية عملية لإنجاز إصلاح سياسي على الأرض ، وهي مقترحات التي تمثل نقاط التقاء واتفاق بين أغلب إن لم يكن كل القوى السياسية المهمومة بحاضر مصر ومستقبلها.
ويمكن تقسيم المقالات التي يحويها الكتاب إلى ثلاثة محاور ، أولها : مقالات تحوي رصدا لوقائع التدهور المنهجي للحياة السياسية المصرية ، ذلك التدهور الذي يمارسه النظام الحاكم بكفاءة لافتة عبر سلسلة من "إجراءات الدمار الشامل " التي مثلت التعديلات الدستورية أبرزها وأشدها وضوحا وفجاجة وبلور النظام فيها فلسفته في " احتقار " الرأي العام المصري ونخبه الفكرية والسياسية والنكث بوعوده هو شخصيا بل والتراجع عن وعود سابقة بعدم تعديل الدستور واحترام القانون ..
المحور الثاني في مقالات الكتاب يضم شهادات د. البلتاجي على اختناقات وخناقات سياسية كان عسف النظام الحاكم وبطشه وطيشه بطلها الأول والأخير والأوحد منها تلك المفاصلة المنكودة التي يروج لها النظام وإعلامه بين دعم المقاومة الفلسطينية والأمن القومي المصري ، ومنها أيضا إساءة نواب عن الحزب الحاكم في مجلس الشعب بألفاظ نابية للمقاومة الفلسطينية ولنواب المعارضة ، وكذلك الخطيئة السياسية المصرية التي تتواصل ليل نهار في إحكام الخناق على السياسة في مصر والمتمثلة في الأغلبية البرلمانية " الميكانيكة " والمكونة من نواب الحزب الحاكم ، الذين يمثون الذراع البرلمانية لتنفيذه وتمرير كل الجرائم السياسية على أرض الواقع
أما المحور الثالث في الكتاب فيتمثل في مجموعة مقالات ضمنها الكاتب قراءته لقضية توريث الحكم في مصر ، ومقترحاته للخروج من المأزق السياسي الراهن الذي يعصف بواقع ومستقبل البلاد
------------------------------------------------------
المحور الأول : سرد وقائع موت سياسي معلن
للروائي العالمي الكولومبي جابرييل جارثيا ماركيز ، حائز جائزة نوبل ،رواية شهيرة باسم ( سرد وقائع موت معلن ) ، أما الموت المعلن هنا فهو ما يحدث للسياسة المصرية على يد النظام الحاكم وأغلبيتة البرلمانية ، ذلك الموت رصده الدكتور محمد البلتاجي في عدة مقالات في كتابه المهم ( مصر 2005-2010.. ولماذا لم يتحقق الإصلاح المنشود؟!)
في هذا المحور من الكتاب يرصد المؤلف الخطوات العملية التي قام بها النظام لـ " بتر أطراف " الممارسة السياسية المصرية ، تلك الخطوات التي بدأت في العام 2004 حيث يقول الكاتب أن السبب في هذه الخطوات أو الإجراءات كانت " الرياح الصناعية " – على حد وصف الكتاب- التي هبت على المنطقة العربية من الغرب متمثلة في ضغوط أمريكية على حكومات المنطقة لإجراء بعض الإصلاحات السياسية
ويؤكد الكاتب أن تلك الضغوط تزامنت مع ظرف سياسي وشعبي ساخط ممهد لحراك عام في مصر انطلق بعد قليل من إطلاق مرشد الإخوان السابق الأستاذ مهدي عاكف لمبادرته الشهيرة للإصلاح السياسي في مارس 2004 ،بعد ذلك تتابعت الخطوات الرسمية لبتر الأطراف السياسية المصرية على النحو التالي :
1 – بعد حديث طويل دام لسنوات تحت شعار ( لا مساس بالدستور ) أعلن الرئيس مبارك في خطوة مفاجئة في 26 /1/2005 استعداده لتعديل المادة 76 من الدستور للانتقال من حالة الاستفتاء على الرئيس إلى انتخابه بين أكثر من مرشح ..ويصف الكاتب النتيجة التي تمت على أرض الواقع لإعلان الرئيس عن تعديل المادة 76 بـ" الخطيئة الدستورية التي جاءت في 4 صفحات " والتي جاءت بانتخابات رئاسية شكلية يصفها الكاتب بـ " الاستختاب " ، وتوجت تلك الخطيئة باعتقال المئات من أعضاء القوى السياسية الذين خرجوا في مظاهرات ضد تلك التعديلا الدستورية الشكلية ، واستخدام النظام للبلطجية بصورة سافرة خصوصا ضد مظاهرة 25/5/ 2005 الشهيرة التي تحرش البلطجية خلالها بالصحفيات على سلم نقابة الصحفيين
2 – بعد اكتساح حركة حماس للانتخابات الفلسطينية في غزة اتفقت الأطراف الدولية والإقليمية على ( عودة الإشارات الحمراء ) ضد الطموحات الشعبية في الدول العربية
3 – في 2006 أجلت الحكومة موعد انتخابات المحليات تحت ذريعة انتظار الانتهاء من قانون جديد للإدارة المحلية ، في حين أن السبب الرئيسي هو السخط الشعبي العارم ضد الحزب الوطني بسبب توالي جرائم قياداته بحق الشعب التي توجت في فبراير 2006 بقتل أكثر من 1400 مصري في عبارة مملوكة لممدوح إسماعيل أحد حيتان الحزب الوطني
4 – في إبريل 2006 مددالنظام العمل بقانون الطوارئ لعامين جديدين مستغلا ( الأغلبية البرلمانية الميكانيكية ) بعد 25 سنة متواصلة من الطوارئ.
5 – بعد فضح عدد من القضاة الشرفاء لجرائم النظام في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ضد بعض نواب الإخوان عاقب النظام المستشارين ( هشام البسطويسي وأحمد مكي ) بإحالتهما إلى لجنة التأديب والصلاحية ، خاصة وأن القضاء طالبوا باستقلال السلطة القضائية عن التنفيذية والإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، وخرجت المظاهرات داعمة لمطالب القضاء الشرفاء فاعتقل النظام المئات من المتظاهرين بينهم 600 من قيادات وكوادر جماعة الإخوان المسلمين..
6 – في الساعات الأخيرة لبرلمان 2006 وافقت نفس الأغلبية البرلمانية الميكانيكية على تغليظ العقوبات ضد الصحفيين في قضايا النشر وأدخلت مواد جديدة تستوجب حبس الصحفي إذا تعرض للذمة المالية للهيئات والمؤسسات ورؤساء الدول.
7 – في نوفمبر 2006 اعتقل النظام أعدادا ضخمة من قيادات الإخوان ، وطلاب الجماعة بالجامعات بعد اختلاق أكاذيب إعلامية حول عرض رياضي نظمه طلاب الإخوان بجامعة الأزهر ، وتطور الأمر حتى تحول إلى محاكمة عسكرية هزلية جديدة لـ 40 من قيادات الجماعة
8 – في يناير 2007 ، وفي تحد لكل القوى الوطنية ، وفي عصف شامل بكل أحلام الإصلاح السياسي وفي نكث واضح بوعود النظام نفسه بشأن الدستور والإصلاح أنجز النظام تعديلات دستورية مثلت انقلابا سياسيا تاريخيا في فداحته ، يسميها الكاتب ( تعويجات دستورية ) وذلك بطول 34 مادة من الدستور استحدثت قيودا استثنائية على الممارسة السياسية منها مثلا:
- المادة ( 5) تحظر أي ممارسة سياسية على أسس دينية
- المادة (76) تكرس حرمان الشعب كله من الترشح للرئاسة لصالح شخص بعينه ومجموعة ( كومبارسات )
- المادة ( 88) تلغي الإشراف القضائي على الانتخابات
- المادة ( 179) تطلق يد الشرطة في مداهمة بيوت الناس واعتقالهم دون إذن قضائي ، ونفس المادة تتيح للنظام إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية دون ضوابط
9 – جاءت انتخابات مجلس الشورى في يونيو 2007 كتجربة لاختبار نتائج التعديلات الدستورية وبالفعل خص الحزب الوطني الحاكم كل المقاعد التي كانت مطروحة في تلك الانتخابات للتجديد الثلثي للمجلس
10 - في 9/2007 أُحيل للقضاء 4 رؤساء تحرير لصحف غير حكومية بتهمة إهانة رئيس الجمهورية
11 – في 2/2008 عوقب النائب سعد عبود بسبب تقديمه استجوابا حول قصور أداء وزارة الداخلية في بعثة الحج ، وكان ذلك العقاب صدمة لأن دور النائب هو ممارسة دوره الرقابي
12 – في 8 إبريل 2008 أجريت انتخابات المحليات التي يصفها بالكاتب بـ ( الوهمية ) ، مؤكدا أن هذه الانتخابات شهدت تشكيل هيكل إداري لمنع المرشحين من الترشح ، ضم الهيكل : أمن الدولة والبلطجية الإدارة المحلية ،وبهذا تكون مصر انفردت بظاهرة قمعية جديدة هي منع المرشحين من الأساس من التقدم بطلبات الترشيح في انتخابات عامة ، ورغم صدور آلاف الأحكام القضائية بوقف الانتخابات إلا أنها تمت وحصد الحزب الوطني غالبية مقاعده!!
13 – في 15 إبريل 2008 حكم القضاء العسكري على قيادات الإخوان في القضية العسكرية المشار إليها منذ قليل بأحكام سجن قاسية تتراوح بين 3 و10 سنوات طالت عدة مستويات من القيادات الإخوانية على رأسها المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني لمرشد الجماعة
14 – في 26 /5/2008 تم تمديد العمل بقانون الطوارئ لعامين جديديين
15 – في 8/3/2009 أجريت تغييرات صحفية في عدة صحف حكومية جاءت برؤساء تحرير جدد من كورال التوريث
16 – في 30/6/2009 تجاهل الرئيس مبارك كل نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا واختار المستشار فاروق سلطان لرئاستها، والمستشار سلطان هو الرئيس السابق لمحكمة جنوب القاهرة وهو الذي شهد عهده استمرار وقف إجراء انتخابات نقابتي المهندسين والأطباء وهو الوقف الذي امتد طوال 15 عاما
جولتنا مع الكتاب مازالت مستمرة بإذن الله تعالى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق