- بلادى توداى
- 3:57 ص
- شريعة ومنهاج الإسلام
- لا توجد تعليقات
لم يكتفِ الإسلام بأن يأمرك بالصبر؛ فقد يتساوى معك في المشركون والكفار صبرهم فيستمسكون بباطلهم؛ ألم تر أنهم يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم ﴿أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً (41) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا﴾ (الفرقان: 41 ، 42) ﴿وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ﴾ (ص: من الآية 6).
فإن كان هذا شأن أهل الباطل مع آلهتهم المزعومة؛ فكيف بك يا صاحب الرسالة.. أنت ولا شك تحتاج إلى درجة أعلى من الصبر؛ لتنتصر، فإن ما بين النصر والهزيمة صبر ساعة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران: 200).
فيا صاحب الرسالة.. الصبر مع نفسك، والمصابرة بينك وبين عدوك، والمرابطة وهي المداومة، والثبات على الصبر وعلى المصابرة حتى الممات.
يا صاحب الرسالة.. يكفيك قوله تعالى ﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾ (العصر).
يا صاحب الرسالة.. أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل، ومع شدة البلاء لا تملك إلا أن تقول ما قاله سلفك من المرسلين والصالحين: ﴿وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ (إبراهيم: من الآية 12).
أنت صاحب رسالة
فأنت إذن صاحب إيمان عميق، وصاحب ثقة كبيرة في انتصار هذا الدين، وهذا الاعتقاد الجازم بنصر الله ليس كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، ولا من باب التمني الكاذب؛ وإنما هو من علم اليقين الذي تعلمته من رسولك الكريم وهو يقول في ساعة العسرة وشدة الكرب وقلة العدد واستمرار الإيذاء والاستهزاء "والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون".
وقد تحقق ما وعد الله به المؤمنين من نصر وتمكين.. ﴿كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (المجادلة: 21).
ابدأ بنفسك
كأني برسول الله صلى الله عليه وسلم يحدد لصحابته معالم الشخصية القدوة، وما ينبغي لصاحب الرسالة أن يكون عليه قبل أن يدعو الناس لدين الله، وذلك في حديث معاذ الذي يجمع بين تقوى الله ومحاسن الأخلاق؛ الذي يقول فيه: أوصاني رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال "يا معاذ، أوصيك بتقوى الله، وصدق الحديث، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، وحفظ الجار، ورحمة اليتيم، ولين الكلام وبذل السلام، وحسن العمل، وقصر الأمل، ولزوم الإيمان والتفقه في القرآن، وحب الآخرة، والجزع من الحساب، وخفض الجناح، وأنهاك أن تسب حكيمًا أو تكذِّب صادقًا أو تطيع آثمًا أو تعصي إمامًا عادلاً أو تفسد أرضًا، وأوصيك باتقاء الله عند كل حجر وشجر ومدر، وأن تُحدث لكل ذنب توبة؛ السر بالسر والعلانية بالعلانية".
فبالله عليك.. شخصية هذه سماتها وتلك أخلاقها، كيف يكون تأثيرها فيمن حولها؟! صدقت يا عمر حين قلت: "إن لله رجالاً أحيَوا الحق بذكره وأماتوا الباطل بهجره".
فالداعية الصادق يجب أن يبدأ بنفسه قبل أن يدعو غيره ذلك، إنه من السهل جدًّا أن يدعي الدين، ولكن من الصعب أن يطبق على النفس وأن يكون صاحب الدعوة قدوة سلوكية يراها الناس.
كن قدوة
إن الإسلام يعرض محمدًا صلى الله عليه وسلم علينا كقدوة، ليس للإعجاب السلبي ولا التأمل التجريدي في سبحات الخيال؛ ولكنه يعرضها عليك يا أيها الداعية لتحققها في ذات نفسك بقدر ما تستطيع؛ لأن الإسلام يرى أن القدوة أعظم وسائل التربية فيقيم تربيته الدائمة على هذا الأساس.
القدوة أولاً
فلابد للطفل من قدوة في أسرته ووالديه؛ لكي يتشرّب منذ طفولته المبادئ الإسلامية وينهج على نهجها القويم، ولابد للناس من قدوة في مجتمعهم يطبعهم بطابع الإسلام وتقاليده النظيفة؛ لكي يحملوا الأمانة للأجيال القادمة، ولابد للمجتمع من قدوة في قادته وزعمائه وحكَّامه، تتحقق في أشخاصهم المبادئ وينسج على منوالهم الناس.
فما قيمة دعوةُ مترفٍ إلى التقشف؟!
وماذا تجدي دعوة ظالم لإنصاف المظلومين؟!
وما قيمة دعوة كاذب إلى الصدق؟! ودعوة منحرف إلى الاستقامة؟! إنها دعوات لا تجدي بل تترك أثرًا سيئًا في نفوس المدعوين.. فهل تتصور أيها الداعية والدًا كذوبًا ينشئ أولاده على الصدق، أو أما مستهترة تربي بناتها على الفضيلة والعفاف، أو ابنًا عاقًّا قاسيًا يدعو الناس إلى الرحمة؟!.
فاقد الشيء لا يعطيه
الصاحب هو الملازم للشيء لا يتركه ولا ينعزل عنه ولا يتخلى عنه..
وأنت صاحب.. صاحب أي شيء ؟!!
هناك صاحب مصلحة، وهناك صاحب دنيا، وهناك صاحب فضيلة، وهناك صاحب طريقة، وهناك صاحب شركة، وهناك صاحب عمل وصاحب أموال، وأصحاب الجنة هم الفائزون.
أصحاب الرسالة وأنت منهم..
الصاحب هو الملازم.. الذي لا يفارق الشيء ولا يتركه ولا يتخلى عنه، فكيف يتركه ويتخلى عنه، وهو محتاج له ملاصق له وملازم له؟! فشرط الصحبة.. الملازمة والمداومة، وعدم الانفكاك عن الشيء وعدم هجره وعدم التخلي عنه.
شرط الصحبة أن تحمل هم الذي تصاحبه، وتنشغل به، يجدك حيث احتاج اليك "خير الأعمال أدومها وإن قل".
﴿تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ (لقمان: من الآية 15) لا تتركهما ولا تتخل عنهما، اهتمَّ بأمرهما.
وأنت صاحب رسالة.. هي همك ليل نهار وفيها شغلك وتفكيرك.. تحيا بها وتموت عليها، ملاصقة لك، ملازمة لعقلك وقلبك في كل حين ملتصقة بك.. عجيبة هي الرسالة منصهرة في لحمك مختلطة بعظمك، تقيس الدنيا بها وتزن الأمور بميزانها.
وتقيم الناس بمثاقيلها، هي مصدر فرحك وحزنك.. هي سعادتك وشقاؤك.. ابتسامتك وعبوسك.. رأس مالك.. هي استثمارك هي، فأنت صاحبها.. أنت أعرف بها وأعلم بمسالكها.. لا تؤتى من قِبَلك.. فأنت صاحبها.. إنها رسالتك.
رسالتك.. رسالةُ إنقاذ للناس من النار خذ بحجزهم عن النار.. وكيف ذلك؟؟ اسمع إلى قول ربعي ابن عامر لرستم قائد الفرس
1- لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العالمين.
2- ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
3- ومن جور الحكام إلى عدل الإسلام.
لله درك يا ربعي بن عامر..!!!
.. من علَّمك هذه الكلمات؟!
.. من أي المدارس أتيت بها؟!
.. كيف هو فهمُك؟! كيف أنارت بصيرتَك ؟!
هذه رسالتك يا صاحب الرسالة، فما دمت أنت صاحبها فلابد أن تعيشها، وتحيط بها من كل جوانبها.
رسالتك.. توحيد خالص لله رب العالمين.. تأكيد على الإيمان بالله ربًّا وإلهًا، وعلى الإيمان بمحمد صلي الله عليه وسلم نبيًّا ورسولاً، وعلى البعث بعد الموت، وعلى ضرورة العمل الصالح للنجاة من العذاب في الآخرة.
- عَّلم الناس أن لهم خالقًا ورازقًا محييًا ومميتًا هاديًا ومعينًا "توحيد الربوبية" وعلمهم أن خالقهم له الأسماء الحسنى والصفات العلى، فلا قويَّ بحق إلا هو، ولا نصير بحق إلا هو، ولا رحيم بحق إلا هو.. ولا مثيل ولا ند له ولا شبيه له ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ (الشورى: من الآية 12) "توحيد الأسماء والصفات".
ثم علمهم أن هذا الخالق الذي له كل الجلال والكمال وله كل الأسماء الحسنى والصفات العلية؛ هو وحده المستحق للعبادة، وهو وحده المستحق للطاعة، وهو وحده المستحق للحب الحقيقي، وكل حب نحبه لابد أن ينبثق من حب الله، وإذا تعارض حبه مع حب غيره قدَّمنا حبه على حب غيره، وهذا هو أجلّ توحيد "توحيد الألوهية" الذي من أجله قامت السموات والأرض، وبه يدين الله العبادة، وعلى أساسه يفترق الخلق إلى فريقين ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ (الشورى: من الآية 7).
علِّم الناس أن توحيد الألوهية "توحيد العبادة" هو غايتنا، ومن أجله خلق الله الخلق ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56)﴾ (الذاريات).
وأن أبا جهل وأبا لهب عرفا هذا الأمر فلم يسلما لله رب العالمين، وأن المطلوب من الناس ليس توحيد الربوبية الذي عرفه الكفار وآمنوا به ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ﴾ (لقمان: من الآية 25) ؛ ولكن توحيد العبادة هو توحيد الانقياد وتوحيد الاستسلام لله رب العالمين، فلابد أن يرتقي إيماننا فوق إيمان أبى جهل، وهذه هي قضية الإنسان الكبرى "قضية التوحيد".
لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عباده العباد إلى عباده الله رب العالمين.
رسالتك.. رسالة عدل.. وحرية ومساواة
مهمتك أن تعلم الناس معني العدل.. وطعم الحرية.. وقيمة المساواة، فهذه مهمة من مهمات هذا الدين؛ "لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أحمر...كلكم لآدم، وآدم من تراب... ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: من الآية 13) وظيفتك يا صاحب الرسالة أن تأخذ بأيدي الناس؛ حتى يشبّوا عن الطوق، ويعلموا أن لهم حقوقًا، وأنهم أحرار كرماء كما خلقهم الله عز وجل .
وأن عمر فهمها فقالها لابن عمرو بن العاص: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!"
مهمتك أن تبصِّر الناس بحقوقهم، وأن تبثّ فيهم روح العزة والكرامة، وأن الناس يتفاضلون بالتقوى والقرب من الله، وليس بالأموال ولا الأحساب ولا الأنساب.
- مهمتك أن تبصِّر الناس بتاريخ الإسلام المنير الناصع في العدل والمساواة، وكيف حارب الإسلام الظلم والظالمين، وكيف يكون المسلم عزيزًا بعزِّ هذا الدين، ولا يقبل الظلم ولا الضيم ولا الاستكانة، علِّم الناس الثقة والأمل في نصر الله لهذا الدين، ولو طال الطريق، وأن الأقدام ثابتة على الأرض، والهامات تطاول السماء.. لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من جور الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله إلى عدل الإسلام ومنهجه القويم.
يا صاحب الرسالة.. ما هي رسالتك؟
- أن تخرج الناس من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة أن ترسُم لهم منهجًا ربانيًّا في الحياة يسيرون على هديه، فيفرج الله ما بهم من ضيق وهم وكرب، وتتسع آفاق حياتهم، وتتسع صدورهم وتنشرح ليقينهم أنهم على طريق الله، وفي ظل شِرعة الله، ولتؤكد لهم أن ضيق الصدور وضيق الأرزاق وضيق الدنيا يصيب مَنْ أعْرض عن الطريق والمنهج.. ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)﴾ (طه).
- رسالتك يا صاحب الرسالة هي رسالةُ أمل وثقة في أن ما عند الله خير وأبقى، وأن الدنيا، وإن ضاقت واقترنت بالتعب والكد والنصب وإن عايش الناس فيها الجهد والعوارض التي تلم بالعباد من مرض وفقر أحياناً فإن الآخرة دار قرار وراحة وسعادة ونعيم لا ينفذ.
- علِّم الناس أن منهج الله هو سر سعادة الناس وتقدمهم وتفوقهم وغناهم وقوتهم وعزتهم.. فقط أقبلوا على شريعة الله.. ففيها الخير.. كل الخير "ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة".
لمن هذه الرسالة التي تحيا من أجلها؟
للإنسان كائنًا من كان.. كل الناس بغيتك ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ (الأعراف: من الآية 158).
ذكور الناس وإناثهم أيًّا كان لونهم أو جنسهم أو مهنتهم أو مكانهم.
- رسالتك إلى الأقربين من دوائرك المحيطة.. رسالتك إلى أهلك وعشيرتك أولاً.. وانذر عشيرتك الأقربين.
أسرتك وأقاربك أولاً، زوجك وأولادك أولاً.. "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته".
﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ﴾ (مريم: من الآية 55).. ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ (التحريم: من الآية 6).
- رسالتك لجماهير الناس.. لأنهم أسرع في الاستجابة للحق لعدم وجود موانع القبول، من كِبْر وجاهٍ ورئاسة وتَرفٍ يحرصون على استمراره.
- رسالتك للملأ.. للكبراء للصادين عن سبيل الله.. للظالمين للناس؛ ذلك لأنهم يمنعون الجماهير من الانقياد للإسلام، بتضليلهم مرة وبتخويفهم مرة.
- رسالتك للمنافقين فضحًا لهم وكشفًا لأساليبهم وتحذيرًا منهم ومن كبرهم.
رسالتك للعالمين
إلى الناس.. كل الناس.. مؤمنهم.. كافرهم.. عاصيهم.. طائعهم.. كبيرهم.. صغيرهم.. ذكرهم.. أنثاهم.. عالمهم.. جاهلهم.
لكل صنف من الناس علاقة بك في دعوتك.. وكلهم مسئوليتك وأنت شاهد على الجميع.. بدعوتك ورسالتك..
وأسوتك في ذلك قائدك وزعيمك صلى الله عليه وسلم
إياك والعزلة عن الناس يا صاحب الرسالة.. فليست هذه مهمتك ولا شأنك فـ "الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" ( رواه الترمذي ).
أنت لست داعية عزلة ولكن مكانك بين الناس.. تدعوهم إلى الخير الذي معك.
أصناف الناس
1- ملأ.. كبراء وأغنياء بيدهم السلطة والنفوذ
2- جمهور الناس وعامتهم وهم الغالبية
3- المؤمنون الصالحون الأتقياء
4- العصاة... وما أكثرهم
5- المنافقون
رسالتك إلى كل الأجناس وكل الطبقات وكل الفئات ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ (الأعراف: من الآية 158).
فكن حريصًا على إيصال دعوتك إلى كل إنسان تستطيع الوصول إليه وهذا لا يناقض ابتداءك بالأقربين إليك، فلهم منك السبق في الوصول إليهم؛ لأنهم فقط أسهل في التبليغ وأقرب في الخطاب " وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ (214) " ( الشعراء ) فابدأ بأسرتك وأقاربك.. ألست راعيًا ومسئولاً عن رعيتك " كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته".
ومسئوليتك عن أسرتك دينيُّا أهم بكثير من مسئوليتك عنهم ماديًّا وحياتيًّا..
ألم يثن الله على أحد رسله الكرام بقوله ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ﴾ (مريم: من الآية 55) ألم يأمرنا الله عز وجل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ (التحريم: من الآية 6).
وظيفتك أن تنقذ الناس كل الناس من النار وتدفعهم دفعًا إلى الجنة، فتلك مهمة الرسل وأنت من أتباع الرسل.. اقتدِ برسولك صلى الله عليه وسلم في ذلك.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فإن كان هذا شأن أهل الباطل مع آلهتهم المزعومة؛ فكيف بك يا صاحب الرسالة.. أنت ولا شك تحتاج إلى درجة أعلى من الصبر؛ لتنتصر، فإن ما بين النصر والهزيمة صبر ساعة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران: 200).
فيا صاحب الرسالة.. الصبر مع نفسك، والمصابرة بينك وبين عدوك، والمرابطة وهي المداومة، والثبات على الصبر وعلى المصابرة حتى الممات.
يا صاحب الرسالة.. يكفيك قوله تعالى ﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾ (العصر).
يا صاحب الرسالة.. أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل، ومع شدة البلاء لا تملك إلا أن تقول ما قاله سلفك من المرسلين والصالحين: ﴿وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ (إبراهيم: من الآية 12).
أنت صاحب رسالة
فأنت إذن صاحب إيمان عميق، وصاحب ثقة كبيرة في انتصار هذا الدين، وهذا الاعتقاد الجازم بنصر الله ليس كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، ولا من باب التمني الكاذب؛ وإنما هو من علم اليقين الذي تعلمته من رسولك الكريم وهو يقول في ساعة العسرة وشدة الكرب وقلة العدد واستمرار الإيذاء والاستهزاء "والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون".
وقد تحقق ما وعد الله به المؤمنين من نصر وتمكين.. ﴿كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (المجادلة: 21).
ابدأ بنفسك
كأني برسول الله صلى الله عليه وسلم يحدد لصحابته معالم الشخصية القدوة، وما ينبغي لصاحب الرسالة أن يكون عليه قبل أن يدعو الناس لدين الله، وذلك في حديث معاذ الذي يجمع بين تقوى الله ومحاسن الأخلاق؛ الذي يقول فيه: أوصاني رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال "يا معاذ، أوصيك بتقوى الله، وصدق الحديث، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، وحفظ الجار، ورحمة اليتيم، ولين الكلام وبذل السلام، وحسن العمل، وقصر الأمل، ولزوم الإيمان والتفقه في القرآن، وحب الآخرة، والجزع من الحساب، وخفض الجناح، وأنهاك أن تسب حكيمًا أو تكذِّب صادقًا أو تطيع آثمًا أو تعصي إمامًا عادلاً أو تفسد أرضًا، وأوصيك باتقاء الله عند كل حجر وشجر ومدر، وأن تُحدث لكل ذنب توبة؛ السر بالسر والعلانية بالعلانية".
فبالله عليك.. شخصية هذه سماتها وتلك أخلاقها، كيف يكون تأثيرها فيمن حولها؟! صدقت يا عمر حين قلت: "إن لله رجالاً أحيَوا الحق بذكره وأماتوا الباطل بهجره".
فالداعية الصادق يجب أن يبدأ بنفسه قبل أن يدعو غيره ذلك، إنه من السهل جدًّا أن يدعي الدين، ولكن من الصعب أن يطبق على النفس وأن يكون صاحب الدعوة قدوة سلوكية يراها الناس.
كن قدوة
إن الإسلام يعرض محمدًا صلى الله عليه وسلم علينا كقدوة، ليس للإعجاب السلبي ولا التأمل التجريدي في سبحات الخيال؛ ولكنه يعرضها عليك يا أيها الداعية لتحققها في ذات نفسك بقدر ما تستطيع؛ لأن الإسلام يرى أن القدوة أعظم وسائل التربية فيقيم تربيته الدائمة على هذا الأساس.
القدوة أولاً
فلابد للطفل من قدوة في أسرته ووالديه؛ لكي يتشرّب منذ طفولته المبادئ الإسلامية وينهج على نهجها القويم، ولابد للناس من قدوة في مجتمعهم يطبعهم بطابع الإسلام وتقاليده النظيفة؛ لكي يحملوا الأمانة للأجيال القادمة، ولابد للمجتمع من قدوة في قادته وزعمائه وحكَّامه، تتحقق في أشخاصهم المبادئ وينسج على منوالهم الناس.
فما قيمة دعوةُ مترفٍ إلى التقشف؟!
وماذا تجدي دعوة ظالم لإنصاف المظلومين؟!
وما قيمة دعوة كاذب إلى الصدق؟! ودعوة منحرف إلى الاستقامة؟! إنها دعوات لا تجدي بل تترك أثرًا سيئًا في نفوس المدعوين.. فهل تتصور أيها الداعية والدًا كذوبًا ينشئ أولاده على الصدق، أو أما مستهترة تربي بناتها على الفضيلة والعفاف، أو ابنًا عاقًّا قاسيًا يدعو الناس إلى الرحمة؟!.
فاقد الشيء لا يعطيه
الصاحب هو الملازم للشيء لا يتركه ولا ينعزل عنه ولا يتخلى عنه..
وأنت صاحب.. صاحب أي شيء ؟!!
هناك صاحب مصلحة، وهناك صاحب دنيا، وهناك صاحب فضيلة، وهناك صاحب طريقة، وهناك صاحب شركة، وهناك صاحب عمل وصاحب أموال، وأصحاب الجنة هم الفائزون.
أصحاب الرسالة وأنت منهم..
الصاحب هو الملازم.. الذي لا يفارق الشيء ولا يتركه ولا يتخلى عنه، فكيف يتركه ويتخلى عنه، وهو محتاج له ملاصق له وملازم له؟! فشرط الصحبة.. الملازمة والمداومة، وعدم الانفكاك عن الشيء وعدم هجره وعدم التخلي عنه.
شرط الصحبة أن تحمل هم الذي تصاحبه، وتنشغل به، يجدك حيث احتاج اليك "خير الأعمال أدومها وإن قل".
﴿تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ (لقمان: من الآية 15) لا تتركهما ولا تتخل عنهما، اهتمَّ بأمرهما.
وأنت صاحب رسالة.. هي همك ليل نهار وفيها شغلك وتفكيرك.. تحيا بها وتموت عليها، ملاصقة لك، ملازمة لعقلك وقلبك في كل حين ملتصقة بك.. عجيبة هي الرسالة منصهرة في لحمك مختلطة بعظمك، تقيس الدنيا بها وتزن الأمور بميزانها.
وتقيم الناس بمثاقيلها، هي مصدر فرحك وحزنك.. هي سعادتك وشقاؤك.. ابتسامتك وعبوسك.. رأس مالك.. هي استثمارك هي، فأنت صاحبها.. أنت أعرف بها وأعلم بمسالكها.. لا تؤتى من قِبَلك.. فأنت صاحبها.. إنها رسالتك.
رسالتك.. رسالةُ إنقاذ للناس من النار خذ بحجزهم عن النار.. وكيف ذلك؟؟ اسمع إلى قول ربعي ابن عامر لرستم قائد الفرس
1- لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العالمين.
2- ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
3- ومن جور الحكام إلى عدل الإسلام.
لله درك يا ربعي بن عامر..!!!
.. من علَّمك هذه الكلمات؟!
.. من أي المدارس أتيت بها؟!
.. كيف هو فهمُك؟! كيف أنارت بصيرتَك ؟!
هذه رسالتك يا صاحب الرسالة، فما دمت أنت صاحبها فلابد أن تعيشها، وتحيط بها من كل جوانبها.
رسالتك.. توحيد خالص لله رب العالمين.. تأكيد على الإيمان بالله ربًّا وإلهًا، وعلى الإيمان بمحمد صلي الله عليه وسلم نبيًّا ورسولاً، وعلى البعث بعد الموت، وعلى ضرورة العمل الصالح للنجاة من العذاب في الآخرة.
- عَّلم الناس أن لهم خالقًا ورازقًا محييًا ومميتًا هاديًا ومعينًا "توحيد الربوبية" وعلمهم أن خالقهم له الأسماء الحسنى والصفات العلى، فلا قويَّ بحق إلا هو، ولا نصير بحق إلا هو، ولا رحيم بحق إلا هو.. ولا مثيل ولا ند له ولا شبيه له ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ (الشورى: من الآية 12) "توحيد الأسماء والصفات".
ثم علمهم أن هذا الخالق الذي له كل الجلال والكمال وله كل الأسماء الحسنى والصفات العلية؛ هو وحده المستحق للعبادة، وهو وحده المستحق للطاعة، وهو وحده المستحق للحب الحقيقي، وكل حب نحبه لابد أن ينبثق من حب الله، وإذا تعارض حبه مع حب غيره قدَّمنا حبه على حب غيره، وهذا هو أجلّ توحيد "توحيد الألوهية" الذي من أجله قامت السموات والأرض، وبه يدين الله العبادة، وعلى أساسه يفترق الخلق إلى فريقين ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ (الشورى: من الآية 7).
علِّم الناس أن توحيد الألوهية "توحيد العبادة" هو غايتنا، ومن أجله خلق الله الخلق ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56)﴾ (الذاريات).
وأن أبا جهل وأبا لهب عرفا هذا الأمر فلم يسلما لله رب العالمين، وأن المطلوب من الناس ليس توحيد الربوبية الذي عرفه الكفار وآمنوا به ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ﴾ (لقمان: من الآية 25) ؛ ولكن توحيد العبادة هو توحيد الانقياد وتوحيد الاستسلام لله رب العالمين، فلابد أن يرتقي إيماننا فوق إيمان أبى جهل، وهذه هي قضية الإنسان الكبرى "قضية التوحيد".
لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عباده العباد إلى عباده الله رب العالمين.
رسالتك.. رسالة عدل.. وحرية ومساواة
مهمتك أن تعلم الناس معني العدل.. وطعم الحرية.. وقيمة المساواة، فهذه مهمة من مهمات هذا الدين؛ "لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أحمر...كلكم لآدم، وآدم من تراب... ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: من الآية 13) وظيفتك يا صاحب الرسالة أن تأخذ بأيدي الناس؛ حتى يشبّوا عن الطوق، ويعلموا أن لهم حقوقًا، وأنهم أحرار كرماء كما خلقهم الله عز وجل .
وأن عمر فهمها فقالها لابن عمرو بن العاص: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!"
مهمتك أن تبصِّر الناس بحقوقهم، وأن تبثّ فيهم روح العزة والكرامة، وأن الناس يتفاضلون بالتقوى والقرب من الله، وليس بالأموال ولا الأحساب ولا الأنساب.
- مهمتك أن تبصِّر الناس بتاريخ الإسلام المنير الناصع في العدل والمساواة، وكيف حارب الإسلام الظلم والظالمين، وكيف يكون المسلم عزيزًا بعزِّ هذا الدين، ولا يقبل الظلم ولا الضيم ولا الاستكانة، علِّم الناس الثقة والأمل في نصر الله لهذا الدين، ولو طال الطريق، وأن الأقدام ثابتة على الأرض، والهامات تطاول السماء.. لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من جور الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله إلى عدل الإسلام ومنهجه القويم.
يا صاحب الرسالة.. ما هي رسالتك؟
- أن تخرج الناس من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة أن ترسُم لهم منهجًا ربانيًّا في الحياة يسيرون على هديه، فيفرج الله ما بهم من ضيق وهم وكرب، وتتسع آفاق حياتهم، وتتسع صدورهم وتنشرح ليقينهم أنهم على طريق الله، وفي ظل شِرعة الله، ولتؤكد لهم أن ضيق الصدور وضيق الأرزاق وضيق الدنيا يصيب مَنْ أعْرض عن الطريق والمنهج.. ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)﴾ (طه).
- رسالتك يا صاحب الرسالة هي رسالةُ أمل وثقة في أن ما عند الله خير وأبقى، وأن الدنيا، وإن ضاقت واقترنت بالتعب والكد والنصب وإن عايش الناس فيها الجهد والعوارض التي تلم بالعباد من مرض وفقر أحياناً فإن الآخرة دار قرار وراحة وسعادة ونعيم لا ينفذ.
- علِّم الناس أن منهج الله هو سر سعادة الناس وتقدمهم وتفوقهم وغناهم وقوتهم وعزتهم.. فقط أقبلوا على شريعة الله.. ففيها الخير.. كل الخير "ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة".
لمن هذه الرسالة التي تحيا من أجلها؟
للإنسان كائنًا من كان.. كل الناس بغيتك ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ (الأعراف: من الآية 158).
ذكور الناس وإناثهم أيًّا كان لونهم أو جنسهم أو مهنتهم أو مكانهم.
- رسالتك إلى الأقربين من دوائرك المحيطة.. رسالتك إلى أهلك وعشيرتك أولاً.. وانذر عشيرتك الأقربين.
أسرتك وأقاربك أولاً، زوجك وأولادك أولاً.. "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته".
﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ﴾ (مريم: من الآية 55).. ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ (التحريم: من الآية 6).
- رسالتك لجماهير الناس.. لأنهم أسرع في الاستجابة للحق لعدم وجود موانع القبول، من كِبْر وجاهٍ ورئاسة وتَرفٍ يحرصون على استمراره.
- رسالتك للملأ.. للكبراء للصادين عن سبيل الله.. للظالمين للناس؛ ذلك لأنهم يمنعون الجماهير من الانقياد للإسلام، بتضليلهم مرة وبتخويفهم مرة.
- رسالتك للمنافقين فضحًا لهم وكشفًا لأساليبهم وتحذيرًا منهم ومن كبرهم.
رسالتك للعالمين
إلى الناس.. كل الناس.. مؤمنهم.. كافرهم.. عاصيهم.. طائعهم.. كبيرهم.. صغيرهم.. ذكرهم.. أنثاهم.. عالمهم.. جاهلهم.
لكل صنف من الناس علاقة بك في دعوتك.. وكلهم مسئوليتك وأنت شاهد على الجميع.. بدعوتك ورسالتك..
وأسوتك في ذلك قائدك وزعيمك صلى الله عليه وسلم
إياك والعزلة عن الناس يا صاحب الرسالة.. فليست هذه مهمتك ولا شأنك فـ "الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" ( رواه الترمذي ).
أنت لست داعية عزلة ولكن مكانك بين الناس.. تدعوهم إلى الخير الذي معك.
أصناف الناس
1- ملأ.. كبراء وأغنياء بيدهم السلطة والنفوذ
2- جمهور الناس وعامتهم وهم الغالبية
3- المؤمنون الصالحون الأتقياء
4- العصاة... وما أكثرهم
5- المنافقون
رسالتك إلى كل الأجناس وكل الطبقات وكل الفئات ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ (الأعراف: من الآية 158).
فكن حريصًا على إيصال دعوتك إلى كل إنسان تستطيع الوصول إليه وهذا لا يناقض ابتداءك بالأقربين إليك، فلهم منك السبق في الوصول إليهم؛ لأنهم فقط أسهل في التبليغ وأقرب في الخطاب " وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ (214) " ( الشعراء ) فابدأ بأسرتك وأقاربك.. ألست راعيًا ومسئولاً عن رعيتك " كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته".
ومسئوليتك عن أسرتك دينيُّا أهم بكثير من مسئوليتك عنهم ماديًّا وحياتيًّا..
ألم يثن الله على أحد رسله الكرام بقوله ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ﴾ (مريم: من الآية 55) ألم يأمرنا الله عز وجل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ (التحريم: من الآية 6).
وظيفتك أن تنقذ الناس كل الناس من النار وتدفعهم دفعًا إلى الجنة، فتلك مهمة الرسل وأنت من أتباع الرسل.. اقتدِ برسولك صلى الله عليه وسلم في ذلك.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
--------------------------------------
من موقع الإخوان المسلمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق