- بلادى توداى
- 1:21 ص
- تحليلات هامة
- لا توجد تعليقات
ورود الحق ـ موقع الدكتور صلاح سلطان
د. صلاح سلطان
المصالحة الفلسطينية هي عودة أبناء الوطن الواحد والهمِّ الواحد إلى الأصل الواحد والهدف الواحد، وهو تحرير الأسرى والأقصى والقدس وفلسطين من الصهاينة المعتدين المحتلين الغاصبين، وإعادة اللاجئين إلى أوطانهم آمنين؛ ليعيشوا مثل بقية الخلق أجمعين بين أهليهم وذويهم، وفوق تراب أرضهم الذي لا يعادلُ شبرٌ منه بالملايين.
والمشاححة أن يدخل كل طرف في هدنة مؤقتة ريثما يُمَكِّن لنفسه من صلاحيات وفرص ومناورات أكثر، وقد ذكر الله تعالى عند حدوث الصلح أن الشيطان يحضر بمنطق {وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: 128]. فكلٌّ يَضُن بما عنده أو يحاول أن ينتهز فرصة ليُقصي الآخر، أو ينال منه، أو يضيِّق عليه.
وقد بادرت حماس دومًا إلى المصالحة، وقابلتها فتح بالمشاححة، فحماس هي السلطة المنتخبة منذ 2006م، وذلك عبر انتخابات تشريعية نزيهة، لكن لم تعطَ الفرصة لكي تمارس صلاحيتها، وتؤدي دورها، وإنما حاول الأشاوس في فتح الانقلاب على السلطة المنتخبة، واستعمال المنهج الصهيوني اليهودي، كما قال تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة: 72]. فهم الذين حاولوا قتل رئيس الوزراء إسماعيل هنية، وحاولوا الانقلاب على الشرعية في غزة، لكن المؤسف أن الأجواء المريضة الشحيحة بالحقيقة حوَّلت الانقلابيين إلى قوم صالحين، والصالحين إلى انقلابيين.
والآن أدرك الطرفان أنهم خسرا معًا الكثير ولم يكسب إلا العدو الصهيوني، فقام بأوسع مدى من الاستيطان، وتهويد القدس، والتشديد على الأسرى، والتعسف المزري مع القضية كلها، ولم ينصفوا عملاء ولا أصدقاء، واضطر الفرقاء أمام سراب المفاوضات إلى الدخول في المصالحة، لكن هل تصلح المصالحة مع المشاححة؟ أن يرفض رئيس منتهية خلافته، ظاهرة عمالته، باطنة قسوته، يرفض أن يجلس إلى جواره القائد خالد مشعل في هذه اللحظة التاريخية التي تستدعي إعطاء رسالة مصالحة لا مشاححة، تقارب لا تباعد، تواصل لا تفاصل..
أين الكياسة التي تجعل السياسي يجمِّع ولا يفرِّق، يستوعب ولا يستعبط؟!
أحسب أن السيد أبو مازن أراد أن يعطي رسائل عدة إلى الكيان الصهيوني أن المصالحة شكلية، والموقف مع اليهود هو المصالحة، ومع حماس هو المشاححة؛ لأن السيد أبو مازن افتخر في كلمة أمام العالم أنه يتقابل مع كل اليهود: إيباك وغيرها، ولكن في الوقت ذاته يُحرج المصريين الشرفاء الذي سعوا إلى المصالحة بروح الثورة المصرية وليس بأنفاس مبارك وعمر سليمان، لكن أحسب أن أبو مازن لم يبرح مكانه مع زعماء الطغيان، زعماء الفجور، زعماء القيود، بينما بدا خالد مشعل رجلاً ذا مسئولية عندما تنازل عن أمر شكلي -وإن كان متصلاً بالجوهر- ليكسب القلوب الفلسطينية والمصرية والعربية والإسلامية، وإن خسر جلسةً على كرسي بجوار عباس لا يُحسَد عليها أحد.
وبقي أن نطالب إخواننا في حماس أن يكون التنازل عن الأشكال والكراسي، لا الأصول والأساس، وأساس الأمر هو مقاومة العدو المحتل حتى يرحل كما رحل بن علي ومبارك، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق